كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران ولعمرك يا محمد لقد ورد وعدك لنا ووعيدك إيانا فلم يدننا منك ولم ينئنا عنك إذ كان فحص اليقين قد كشف عن مكنون ضميرك وألفاك كالمكتفي بالبرق نهجا إذا أضاء له مشى فيه وإذا أظلم عليه قام ولعمرك لئن اشتد في البغى شاؤك ومتعت بضبابة من الأمل ليكون أمرك عليك غمة ولنأتينك بجنود لا قبل لك بها ولنخرجنك منها ذليلا وأنت من الصاغرين ولولا انتظارنا كتاب أمير المؤمنين بإعلامنا ما نعمل في شاكلته بلغنا بالسياط النياط وغمدنا السيوف وهى كآلة وجعلنا عاليها سافلها وجعلناها مأوى الظلمات والحيات والبوم وقد ناديناك من كثب وأسمعناك إن كنت حيا فإن تجب تفلح وإن تأب إلا غيا نخزيك به وعما قليل لتصبحن نادمين (وفى) أول يوم من رجب من هذه السنة كانت بين المغاربة والأتراك ملحمة وذلك أن المغاربة اجتمعت فيه مع محمد بن راشد ونصر بن سعيد فغلبوا الأتراك على الجوسق وأخرجوهم منه وقالوا لهم في كل يوم تقتلون خليفة وتخلعون آخر وتقتلون وزيرا وكانوا قد وثبوا على عيسى بن فرخانشاه فتناولوه بالضرب وأخذوا دوابه ولما أخرجت المغاربة الأتراك من الجوسق وغلبوهم على بيت المال أخذوا خمسين دابة مما كان الأتراك يركبونها فاجتمع الأتراك وأرسلوا إلى من بالكرخ والدور منهم فتلاقوا هم والمغاربة فقتل من المغاربة رجل فأخذت المغاربة قاتله وأعانت المغاربة الغوغاء والشاكرية فضعفت الأتراك وانقادوا للمغاربة فأصلح جعفر بن عبد الواحد بين الفريقين فاصلحوا على أن لا يحدثوا شيئا ويكون في كل موضع بكون فيه رجل من قبل أحد الفريقين يكون فيه آخر من الفريق الآخر فمكثوا على ذلك مدة وبلغ الأتراك اجتماع المغاربة إلى محمد بن راشد ونصر بن سعيد واجتمع الأتراك إلى بايكباك فقالوا نطلب هذين الرأسين فإن ظفرنا بهما فلا أحد ينطق وكان محمد بن راشد ونصر بن سعيد قد اجتمعا في صدر اليوم الذي عزم الأتراك فيه على الوثوب بهما ثم انصرفا إلى منازلهما فبلغهما أن بايكباك قد صار إلى منزل ابن راشد فعدل محمد بن راشد ونصر بن سعيد إلى
(٥١٠)