فتعقبوهم بهدم دورهم حتى صاروا من أمر الحرم وأخذ أبناء الناس في أمر عظيم وجعلوا يحكون الذهب الرقيق الذي في رؤوس أساطين المسجد فيخرج من الأسطوانة بعد التعب الشديد قدر مثقال ذهب أو نحوه حتى عم ذلك أكثر أساطين المسجد الحرام وقلعوا الحديد الذي على شبابيك زمزم ومن خشب الساج فبيع بالثمن الخسيس فلما رأى حسين بن حسن ومن معه من أهل بيته تغير الناس لهم بسيرتهم وبلغهم أن أبا السرايا قد قتل وأنه قد طرد من الكوفة والبصرة وكور العراق من كان بها من الطالبيين ورجعت الولاية بها لولد العباس اجتمعوا إلى محمد بن جعفر بن محمد بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب وكان شيخا وداعا محببا في الناس مفارقا لما عليه كثير من أهل بيته من قبح السيرة وكان يروى العلم عن أبيه جعفر بن محمد وكان الناس يكتبون عنه وكان يظهر سمتا وزهدا فقالوا له قد تعلم حالك في الناس فأبرز شخصك نبايع لك بالخلافة فإنك إن فعلت ذلك لم يختلف عليك رجلان فأبى ذلك عليهم فلم يزل به ابنه علي بن محمد بن جعفر وحسين بن حسن الأفطس حتى غلبا الشيخ على رأيه فأجابهم فأقاموه يوم صلاة الجمعة بعد الصلاة لست خلون من ربيع الآخر فبايعوه بالخلافة وحشروا إليه الناس من أهل مكة والمجاورين فبايعوه طوعا وكرها وسموه بإمرة المؤمنين فأقام بذلك أشهرا وليس له من الامر الا اسمه وابنه على وحسين بن حسن وجماعة منهم أسوأ ما كانوا سيرة وأقبح ما كانوا فعلا فوثب حسين بن حسن على امرأة من قريش من بنى فهر وزوجها رجل من بنى مخزوم وكان لها جمال بارع فأرسل إليها لتأتيه فامتنعت عليه فأخاف زوجها وأمر بطلبه فتوارى منه فأرسل ليلا جماعة من أصحابه فكسروا باب الدار واغتصبوها نفسها وذهبوا بها إلى حسين فلبثت عنده إلى قرب خروجه من مكة فهربت منه ورجعت إلى أهلها وهم يقاتلون بمكة ووثب علي بن محمد بن جعفر على غلام من قريش ابن قاض بمكة يقال له إسحاق ابن محمد وكان جميلا بارعا في الجمال فاقتحم عليه بنفسه نهارا جهارا في داره على الصفا مشرفا على المسعى حتى حمله على فرسه في السرج وركب علي بن محمد على عجز الفرس
(١٢٥)