بحاجبي يأمره أن يرده إلينا لنعيد فيه نظرنا فإذا جاء به جحدناه وربحنا سبعة آلاف ألف ثم كنا نفعل بتاجرين من كبار التجار مثل ذلك وعلى أن هذا أسلم عاقبة وأستر أمرا من فعل علي بن عيسى في هذه الهدايا بأصحابها فأجمع لأمير المؤمنين في ثلاث ساعات أكثر من قيمة هذه الهدايا بأهون سعى وأيسر أمر وأجمل جباية مما جمع على في ثلاث سنين فوقرت في نفس الرشيد وحفظها وأمسك عن ذكر علي بن عيسى عنده فلما عاث علي بن عيسى بخراسان ووتر أشرافها وأخذ أموالهم واستخف برجالهم كتب رجال من كبرائها ووجوهها إلى الرشيد وكتبت جماعة من كورها إلى قراباتها وأصحابها تشكو سوء سيرته وخبث طعمته ورداءة مذهبه وتسأل أمير المؤمنين أن يبدلها به من أحب من كفاته وأنصاره وأبناء دولته وقواده فدعا يحيى بن خالد فشاوره في أمر علي بن عيسى وفى صرفه وقال أشر على برجل ترضاه لذلك الثغر يصلح ما أفسد الفاسق ويرتق فأشار عليه بيزيد بن مزيد فلم يقبل مشورته وكان قيل للرشيد إن على ابن عيسى قد أجمع على خلافك فشخص إلى الري من أجل ذلك منصرفه من مكة فعسكر بالنهروان لثلاث عشرة ليلة بقيت من جمادى الأولى ومعه ابناه عبد الله المأمون والقاسم ثم سار إلى الري فلما صار بقرماسين أشخص إليه جماعة من القضاة وغيرهم وأشهدهم أن جميع ماله في عسكره ذلك من الأموال والخزائن والسلاح والكراع وما سوى ذلك لعبد الله المأمون وأنه ليس له فيه قليل ولا كثير وجدد البيعة له على من كان معه ووجه هرثمة بن أعين صاحب حرسه إلى بغداد فأعاد أخذ البيعة على محمد بن هارون الرشيد وعلى من بحضرته لعبد الله والقاسم وجعل أمر القاسم في خلعه وإقراره إلى عبد الله إذا أفضت الخلافة إليه ثم مضى الرشيد عند انصراف هرثمة إليه إلى الري فأقام بها نحوا من أربعة أشهر حتى قدم عليه علي بن عيسى من خراسان بالأموال والهدايا والطرف من المتاع والمسك والجوهر وآنية الذهب والفضة والسلاح والدواب وأهدى بعد ذلك إلى جميع من كان معه من ولده وأهل بيته وكتابه وخدمه وقواده على
(٥٠٦)