فهمت كتابك وليست صفتك صفة أولئك الوزراء الغششة ملوكهم الذين يتمنون اضطراب حبل الدولة لكثرة جرائمهم فإنما راحتهم في انتشار نظام الجماعة فلم سويت نفسك بهم فأنت في طاعتك ومناصحتك واضطلاعك بما حملت من أعباء هذا الامر على ما أنت به وليس مع الشريطة التي أو جبت منك سماع ولا طاعة وحمل إليك أمير المؤمنين عيسى بن موسى رسالة لتسكن إليها إن أصغيت إليها وأسأل الله أن يحول بين الشيطان ونزغاته وبينك فإنه لم يجد بابا يفسد به نيتك أو كد عنده وأقرب من طبه من الباب الذي فتحه عليك ووجه إليه جرير بن يزيد ابن جرير بن عبد الله البجلي وكان واحد أهل زمانه فخدعه ورده وكان أبو مسلم يقول والله لأقتلن بالروم وكان المنجمون يقولون ذلك فأقبل والمنصور في الرومية في مضارب وتلقاه الناس وأنزله وأكرمه أياما وأما على فإنه ذكر عن شيوخه الذين تقدم ذكرنا لهم أنهم قالوا كتب أبو مسلم إلى أبى جعفر أما بعد فانى اتخذت رجلا إماما ودليلا على ما افترض الله على خلقه وكان في محلة العلم نازلا وفى قرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قريبا فاستجهلني بالقرآن فحرفه عن مواضعه طمعا في قليل قد تعافاه الله إلى خلقه فكان كالذي دلى بغرور وأمرني أن أجرد السيف وأرفع الرحمة ولا أقبل المعذرة ولا أقيل العثرة ففعلت توطيدا لسلطانكم حتى عرفكم الله من كان جهلكم ثم استنقذني الله بالتوبة فان يعف عنى فقدما عرف به ونسب إليه وإن يعاقبني فبما قدمت يداي وما الله بظلام للعبيد وخرج أبو مسلم يريد خراسان مراغما مشاقا فلما دخل أرض العراق ارتحل المنصور من الأنبار فأقبل حتى نزل المدائن وأخذ أبو مسلم طريق حلوان فقال رب أمر لله دون حلوان وقال أبو جعفر لعيسى بن علي وعيسى بن موسى ومن حضره من بني هاشم اكتبوا إلى أبى مسلم فكتبوا إليه يعظمون أمره ويشكرون ما كان منه ويسألونه أن يتم على ما كان منه وعليه من الطاعة ويحذرونه عاقبة الغدر ويأمرونه بالرجوع إلى أمير المؤمنين وأن يلتمس رضاه وبعث بالكتاب أبو جعفر مع أبي حميد المروروذي وقال له كلم أبا مسلم بألين ما تكلم به أحدا ومنه وأعلمه أنى رافعه
(١٣١)