الطعام، فيقول: ليس عندي طعام، ولكن انظر ما قيمته فخذ مني؟ قال: لا بأس بذلك ".
ولا ينافيهما صحيح العيص بن القاسم (1) سأل الصادق عليه السلام " عن رجل أسلف رجلا دراهم بحنطة، حتى إذا حضر الأجل لم يكن عنده طعام، ووجد عنده دوابا و رقيقا ومتاعا أيحل له أن يأخذ من عروضه تلك بطعامه؟ قال: نعم يسمى كذا وكذا، بكذا وكذا صاعا " إذ المراد منه أنه حيث كانت القيمة عروضا، لا دراهم، فلا بد من تشخيصها في مقابلة الطلب الذي له، ليحصل بذلك استيفاء حقه، فلا ينبغي التوقف حينئذ في الجواز مع التراضي.
إنما البحث في أن له حينئذ جبره على القيمة في بلد السلم؟ المشهور نقلا العدم للأصل، ولأن القيمة فرع استحقاق ذيها، لأنها لم يجر عليها عقد، ولا دل دليل على استحقاقها، وعن التذكرة أن له ذلك لأن الطعام الذي يلزم دفعه معدوم، فكان كما لو عدم الطعام في بلد يلزمه التسليم فيه، وفيه منع ظاهر، ولأن الطعام قد حل، والتقصير من المسلم إليه، حيث أنه لم يحضره في مكان التسليم عند الحلول، ولا مانع من التسليم إلا كونه ليس في مكان التسليم الذي هو حق عليه، فإذا أسقطنا حق المسلم من المطالبة بالطعام، ارتفاقا بحال المسلم إليه، انتقل حق المسلم له إلى القيمة في مكان التسليم، جمعا بين الحقين، وفيه أن الحلول أعم من ذلك، والتقصير مع إمكان فرض عدمه، هو أعم منه أيضا ولا تعارض بين الحقين، حتى يجمع بينهما بذلك، على أن الله قد جمع بينهما " بأن المؤمنين عند شروطهم " (2) قال: " ولأن فيه من الضرر ما لا يخفى إن لم يكن له ذلك، إذ ربما لا يريد العود إلى بلد السلف وربما احتاج في عوده إلى أضعاف السلم، وربما كان المسلم إليه لا يوثق بعوده إليه و الظفر به هناك، بل ربما يكون هرب من السلف، فيكون منعه من مطالبته مفضيا إلى