كان على يساره أحد، وإلا فلا، وبه يفترق عن الإمام والمنفرد، لكن قد عرفت أن صحيح الفضلاء (1) المؤيد بخبر المعراج (2) وغيره كالصريح في الواحدة مطلقا مؤيدا بمخالفة العامة الذين جعل الله الرشد في خلافهم، ولذا أعرض الأصحاب عن ظاهر ما يقتضي التعدد في غير المأموم من النصوص السابقة خلافا لابن الجنيد خاصة منهم في الإمام إذا كان في صف، ولا ريب في ضعفه نصا وفتوى فيتجه حينئذ الاقتصار على الواحدة في المأموم أيضا، وكأنه مال إليه العلامة الطباطبائي حيث قال:
وسن للمأموم أن يسلما * عن جانبيه موميا إليهما فإن خلا يساره عن أحد * سلم عن يمينه كالمنفرد كذا الإمام في الأصح والعدد * للكل في ظاهر نص قد ورد وما بذا وما روى المفضل * في المقتدي من الثلاث يعمل وفي صحيح الفضلاء واحدة * من الجميع وهو بنفي الزائدة أفتى بها الصدوق في الأمالي * إلا إذا خاف أذى من قال وهو لمن أراد حزما أسلم * ووجهه من المطاوي يعلم قلت: لكن طرح النصوص الكثيرة المعتضدة بالفتاوى مع أن الحكم استحبابي لا يليق بالفقيه، اللهم إلا أن يدعى أن مراد الجميع الوحدة من حيث الصلاة حتى في المأموم، ومشروعية الثانية له إنما هي للرد على الإمام، وهو أمر خارج عن الصلاة كما يشهد له تعليل أكثر من تعرض لذلك بالرد، قال الشهيد بعد أن حكى عن الصدوق التثليث: واحدة للرد، وتسليمتين عن الجانبين، وكأنه يرى أن التسليمتين ليستا للرد بل هما عبادة محضة متعلقة بالصلاة، ولما كان الرد واجبا في غير الصلاة لم يكف عنه تسليم