وخبر عبد الله بن حبيب بن جندب (1) قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) " إني أصلي المغرب مع هؤلاء فأعيدها فأخاف أن يتفقدوني قال: إذا صليت الثالثة تمكن في الأرض أليتيك ثم انهض وتشهد وأنت قائم ثم اركع واسجد فإنهم يحسبون أنها نافلة " محمول على الضرورة أو غيره مما لا ينافي ما ذكرنا من وجوب الجلوس فيه اختيارا بحيث لو تشهد في حال لا يصدق عليه مسمى الجلوس لم يجز، نعم لا فرق على الظاهر بين جميع كيفيات الجلوس من التورك والاقعاء وغيرهما، لاطلاق النصوص والفتاوى، فما في الحدائق - من عدم الاجتزاء بالاقعاء لعدم صدق اسم الجلوس عليه شرعا ولا عرفا، وللخبر (2) " المقعي ليس بجالس " - في غاية الغرابة، ضرورة عدم حقيقة للشارع في الجلوس، ومنع عدم الصدق عرفا، وحمل الخبر المزبور على نوع من المبالغة في كراهته أو غير ذلك مما عرفته في بحث كراهة الاقعاء.
ثم ظاهر المتن وغيره ممن جعله من واجبات التشهد عدم وجوبه لنفسه قدر التشهد بحيث لو سقط التشهد يبقى وجوب الجلوس بقدره، للأصل وغيره، لكن قد يستفاد من صحيح جميل (3) وغيره الوارد فيمن صلى خمسا سهوا وجوبه كذلك، للاكتفاء في صحة الصلاة وعدم الإعادة بأنه إن كان قد جلس بعد الرابعة قدر التشهد صحت، وإلا فلا، اللهم إلا أن يكون ذلك فيها كناية عن فعل التشهد الشامل للتسليم وأنه بتذكره ذلك يتفطن لوقوع الخامسة منه بعد الاتمام، ولعل التعبير بالجلوس قدر التشهد عن فعل التشهد جالسا معروف في النصوص والفتاوى كما لا يخفى على الخبير الممارس، فالاجتزاء بذلك في صحة الصلاة لهذا، لا لأن الجلوس واجب لنفسه والتشهد واجب