قلت - مع أن تقديم الخبر إنما يدل على حصر الموضوع فيه لا العكس المراد في المقام كما لا يخفى على من لاحظ كلام التفتازاني في أحوال المسند، إذ حاصل المناقشة المزبورة أنا نمنع لزوم كون الخبر مساويا للمبتدأ أو أعم، فإنه يجوز الاخبار بالأعم من وجه كزيد قائم، وبالأخص مطلقا كقولك: حيوان يتحرك كاتب، ومنشأ ذلك أن المراد بالاخبار الاستناد في الجملة لا دائما، ومنه يعلم أنه لا يجب تساوي المفردين في الصدق والمفهوم، وأيضا تمنع كون إضافة المصدر للعموم، لجواز كونها للجنس أو العهد، على أن التحليل قد يحصل بغير التسليم كالمنافيات وإن لم يكن الاتيان بها جائزا، وحينئذ فلا بد من تأويل التحليل بالذي قدره الشارع، فكما أمكن إرادة التحليل الذي قدره على سبيل الوجوب أمكن إرادة الذي قدره على سبيل الاستحباب، وأيضا الخبر متروك الظاهر، لأن التحليل ليس نفس التسليم، فلا بد من إضمار ولا دليل على ما يقتضي الوجوب، وإرادة اسم الفاعل من المصدر مجاز كالاضمار، فلا يتعين أحدهما، إلى غير ذلك -: ودفعت بأن المشهور المعروف بين النحويين وأهل الميزان منع كون الخبر أخص من المبتدأ وإلا لعرى الكلام عن الفائدة، ولهذا لا يجوز الحيوان إنسان واللون سواد وفي كشف الرموز أن ذلك ثابت عند أهل اللسان إلى آخره، والمشهور أيضا عند النحويين أن الخبر إذا كان مفردا كان هو المبتدأ، وفي المنتهى اتفاق النحويين على ذلك وقد تقرر في الأصول أن الإضافة حيث لا عهد تفيد العموم، ولا عهد هنا، والأصل عدمه، على أن الجنس نافع في المقام كالاستغراق، وإذا تعارض المجاز والاضمار فالأقوال ثلاثة، وترجيح المجاز قول جماعة، وما ذكروه من أن التحليل قد يحصل بالمنافيات يدفعه أن إفساد الصلاة وإبطالها غير التحليل، أما على القول بأنها اسم للصحيحة فظاهر وعلى الأعم فالفاسدة غير محتاجة إلى تحليل، مع أن المتبادر من الاطلاق الصحيحة، وأيضا معنى التحليل هو الاتيان بما يحلل المنافي لا أنه نفس المنافي، على أن القائلين
(٢٨٧)