فلعل ما ورد في الأخبار الكثيرة من تكفير منكر علي (عليه السلام)، لأنه العلم الذي نصبه الله بينه وبين عباده (1) وأنه باب من أبواب الجنة من دخله كان مؤمنا ومن خرج منه كان كافرا (2) وتكفير منكر مطلق الإمام (3) وإن من لم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية (4) محمول على إرادة الكفار في مقابل المؤمن بالمعنى الثاني، ونجاسته بهذا المعنى محل البحث، إذ العمدة في دليلها عموم معاقد الاجماعات السابقة، ومن المعلوم إرادة غير منها، وكيف لا والمشهور هنا شهرة كادت تكون إجماعا بل هي كذلك كما عرفت على الطهارة، على أن ما فيها من العموم اللغوي إنما يراد به عموم أفراد معنى من معاني الكفر لا عموم معانيه.
نعم هو بالمعنى المزبور أخبث باطنا منه بغيره، بل أشد عقابا، كما يشير إليه قول الصادق (عليه السلام) (5): " أهل الشام شر من أهل الروم، وأهل المدينة شر من أهل مكة، وأهل مكة يكفرون بالله جهرة " كقول أحدهما (عليهما السلام) (6):
" إن أهل مكة يكفرون بالله تعالى جهرة، وأهل المدينة أخبث منهم سبعين ضعفا ".
بل هو المعلوم من مذهب الشيعة، كما علم منه ثبوت كفرين عندهم دنيوي وأخروي، وخلاف نادر منهم لو تحقق غير قادح أو محمول على إرادة تنزيله منزلة الكافر فيما يتعلق بالأمور الأخروية من شدة العذاب والخلود فيه، كما هو ظاهر المنساق إلى الذهن من ملاحظتها، بل من أعطى النظر والتأمل فيها يقطع بإرادتهم (عليهم السلام) بيان دفع وهم احتمال حصول ثواب لهم، أو مرتبة أخروية، أو امتياز عن الكفار