السالمة عن معارضة ما يقتضي الكفر المنجس، ودعوى أنهم ممن أنكر ضروريا لاعتقادهم الجسمية، وكل جسم محدث واضحة المنع هنا، لعدم استلزام خصوص هذه الدعوى من الجسمية ذلك عند المدعي، بل وفي الواقع، بل قيل إنهم موافقون لأهل الحق في العقيدة، وإنما تجوزوا في التسمية كاطلاق اليد.
ويؤيده ما اشتهر من نسبة ذلك إلى هشام بن الحكم، وهو من أجلاء أصحابنا ومتكلميهم، وعن المرتضى في الشافي " فأما ما رمي به هشام بن الحكم من القول بالتجسيم فالظاهر من الحكاية عنه القول بجسم لا كالأجسام، ولا خلاف في أن هذا القول ليس بتشبيه ولا ناقض لأصل ولا معترض على فرع، وأنه غلط في عبارة يرجع في إثباتها ونفيها إلى اللغة، وأكثر أصحابنا يقولون: إنه أورد ذلك على سبيل المعارضة للمعتزلة، فقال لهم: إذا قلتم إن القديم تعالى شأنه شئ لا كالأشياء فقولوا: إنه جسم لا كالأجسام " انتهى.
قلت: بل قد يمنع كفرهم حتى لو سلم استلزام تلك الدعوى الحدوث في نفس الأمر، إلا أنهم لم يعترفوا به بزعمهم، إذ المدار في انكار الضروري التصريح به لا اللزوم الذي لم يعترف به الخصم.
ومنه يعرف وجه طهارة المجسمة ولو بالحقيقة أيضا إذا لم يعترفوا بذلك اللزوم، لاتحادهما حينئذ في المقتضي وعدم المانع، ولذا كان ظاهر المعتبر والتذكرة بل كاد يكون صريح الثاني كنهاية الإحكام والذكرى بل هو صريح الأخير طهارة المجسمة من غير تقييد له بالتسمية، بل لعل ما تقدم من البيان والمسالك من التقييد بالحقيقة راجع إليه على أن يراد به نجاسة خصوص المجسمة القائلين بأنه كسائر الأجسام في الحقيقة ولوازمها من الحدوث والافتقار لا من يلزمهم ذلك وهم له منكرون، وأولئك لا كلام في كفرهم عند الجميع لا من حيث القول بالتجسيم، بل من حيث الحدوث والافتقار ونحوهما مما علم