بعدم الفرق بين رمس العضو والاغتسال مرتمسا والتناول باليد والآلة، فما يظهر من الأصحاب حينئذ أن المحرم نفس النقل والانتزاع لا غير ليس في محله، فضلا عن ما سمعته من كشف اللثام الذي ينبغي العجب من صدوره من مثله، لما عرفت من وضوح الفرق عرفا بين التفريغ والاستعمال والنقل هنا من الثاني، إذ مبني استعماله في الوضوء ومعناه عرفا ذلك كالأكل، فإن النقل باليد من الإناء إلى المضغ ليس من التفريغ قطعا.
نعم قد يقال هو منه بالنسبة للشرب إذا كانت الآنية مما تستعمل بالشرب من دون نقل منها، فلو وضع حينئذ ما فيها في يده بقصد التفريغ ولو للشرب لم يكن ذلك الشرب استعمالا لها فيه، فالواجب حينئذ ملاحظة العرف في صدق استعمالها في الشئ، فإنه مختلف جدا باختلاف المستعمل فيه، بل والمستعمل بالفتح من الإبريق القمقمة ونحوهما، بل والقصد أيضا فتأمل.
وما يقال: إنه ليس في الأدلة نهي عن الوضوء مثلا في الآنية أو عن استعمالها في الوضوء حتى يقال: إن المفهوم من الوضوء بها واستعماله فيه هو تمام ذلك من الانتزاع وغيره، بل الموجود في الأدلة النهي عن الآنية، وهو كما يحتمل إرادة الوضوء بها مثلا واستعمالها فيه يحتمل إرادة النهي عن نفس نقل ما فيها وانتزاعه للوضوء أو غيره، فيكون المنهي عنه النقل حينئذ خاصة يدفعه أنه وإن لم يكن ذلك في الأدلة صريحا لكنه المفهوم المتبادر منها، خصوصا بعد اشتماله على النهي عن الأكل والشرب فيها المتفق بين الأصحاب على عدم الفرق بينهما وبين غيرهما في كيفية الحرمة، إذ قد سمعت معقد الاجماع المحكي بل الاجماعات على حرمة غير الأكل والشرب، فإنه كالصريح في اتحادهما بذلك، كما هو واضح، فيكون حينئذ بمنزلة قوله: لا تأكل في الآنية ولا تشرب فيها ولا تتوضأ فيها ولا تغتسل فيها ونحو ذلك، على أنه يكفي في ثبوت المطلق نفس معقد الاجماع المذكور، وخصوصا ما تقدم من التذكرة، فيتجه