فمن العجيب بعد ذلك كله وغيره تشكيك الأردبيلي وتلميذه والخوانساري في النجاسة تبعا للصدوق والمحكي عن والده في الرسالة والحسن والجعفي من القول بالطهارة مع عدم ثبوت ذلك عن الثاني، بل أنكره بعض الأساطين، وعدم صراحة الأول فيه أيضا، سيما بملاحظة ما نقل عنه من إيجابه نزح البئر منه، كعدم معروفية حكاية ذلك عن الجعفي في كثير من كتب الأصحاب كالعلامة وغيره، نعم حكاه في الذكرى وتبعه بعض من تأخر عنه.
وكيف كان فقد انقرض الخلاف واستقر المذهب على النجاسة فيه وفي كل مائع مسكر، ففي الغنية كل شراب مسكر نجس، والفقاع نجس بالاجماع، كما عن الخلاف وشرح الرسالة للشهيد الثاني الاجماع أيضا، لكن مع استثناء من شذ في الثاني، وفي المصابيح حكم سائر المسكرات حكم الخمر عندنا، كما عن المعتبر أن الأنبذة المسكرة عندنا في التنجيس كالخمر، وفي التحرير على ذلك عمل الأصحاب، وفي المعالم لا نعرف فيه خلافا، كما في المدارك أنه قطع به الأصحاب، بل لم يعتد المرتضى (رحمه الله) فيما حكي عنه بالخلاف في المقام، فقال: " الشراب الذي يسكر كثيره كل من قال إنه محرم الشرب ذهب إلى أنه نجس كالخمر، وإنما يذهب إلى طهارته من ذهب إلى إباحة شربه، وقد دلت الأدلة الواضحة على تحريم كل شراب مسكر كثيره، فيجب أن يكون نجسا، لأنه لا خلاف في أن نجاسته تابعة لتحريم شربه " انتهى.
إذ من المعلوم أن حرمة شرب سائر المسكرات في مذهبنا من المسلمات بل الضروريات، من غير فرق بين القليل والكثير والمطبوخ والنئ والمتخذ من العنب وغيره، كالنقيع من الزبيب، والنبيذ من التمر، والمسكر من الرطب، والفضيخ من البسر، والتبع من العسل، والجعة من الشعير، والمرز من الذرة، وغيرها من الأشربة المسكرة ولو بكثيرها، بل عن الشافعي وأحمد ومالك والثوري والليث بن سعد وجمهور