فاتضح لك من ذلك كله حمل الأمر في الأخبار السابقة على الندب، كوجه فتوى المشهور بذلك، لكن قد يشكل بأنها قد اشتملت على النضح والصب، وهما خصوصا الثاني غير الرش المأمور به في الفتوى، وبأنها لا تدل على استحباب ذلك في مطلق الكافر، إذ ليس إلا الخبر الأخير الخاص بالمجوسي.
ويدفع الأول بدعوى إرادة الرش من النضح، بل ترادفه معه، كما يشهد له ما عن الصحاح والقاموس النضح الرش، واستدل الأصحاب بأخباره عليه، بل قد يراد بالصب ذلك أيضا كما يومي إليه التعبير بالنضح في بعض أخبار بول الصبي المعلوم أن حكمه الصب، وما عن بعض الأصحاب التعبير فيه أي بول الصبي أيضا بالرش، بل هو قريب جدا بناء على ما في حواشي القواعد من تفسير الرش بأن يستوعب جميع أجزاء المحل بالماء ولا يخرج، وأنه به افترق عن الغسل، لما قد عرفت من تفسير الصب بذلك، مع احتمال الاجتزاء هنا في تحصيل الوظيفة بكل منهما، بل قد يدعي أولويته باعتبار أبلغيته في المراد، إلا أنه يبعده اتفاق عبارات الأصحاب حتى معقد الاجماع السابق على عدم التعبير به في المقام، وأنه كالمطلق بالنسبة للنضح والرش، واستحسانه من جهة الأبلغية لا مدخلية له في الأحكام الشرعية التي يقصر العقل عن إدراك بعض حكمها ومصالحها.
والثاني بالغاء الخصوصية بين المجوسي وغيره، خصوصا مع ملاحظة الاجماع السابق وكون الحكم مما يتسامح فيه.
والمراد باليابس في المتن وغيره ما يشمل الندى الذي لا ينتقل منه رطوبة بملاقاته، لعدم حصول وصف التنجس به، كما صرح به العلامة الطباطبائي في منظومته للأصل، وصدق الجاف عليه، ومفهوم صحيح البقباق السابق، بل قد يظهر من التأمل فيه إرادة منتقل الرطوبة من الرطب في غيره من الأخبار وغير منتقلها من اليابس، فلا وجه