إلا الولوغ وخصوص الأواني على ما ستعرف حكمهما إن شاء الله من غير فرق في ذلك بين ما ثبت نجاسته من أوامر الغسل ونحوها التي يتمسك باطلاقها في الاجتزاء بالمرة وبين ما ثبت نجاسته بالاجماع ونحوه، وإن تردد فيه بعض متأخري المتأخرين، للاستصحاب السالم عن معارضة إطلاق الأمر بالغسل ونحوه كما هو المفروض، إذ قد عرفت أنه مع تسليم وجود الفرض المذكور وأنه لا تكفي عمومات مطهرية الماء إنما يتم بالاجماع المركب المحكي ظاهرا في الذخيرة الذي يشهد له التتبع، بل يمكن تحصيله على عدم الفرق بين النجاسات بذلك، وبه ينقطع الاستصحاب حينئذ.
مع إمكان منعه في نفسه، إما بناء على عدم حجيته في نحوه مما كان معلقا على غاية غير معلومة للمكلف، فيتمسك حينئذ بأصالة براءة الذمة عن استعماله بعد الغسلة الواحدة، وعن وجوب غسلة ثانية بعدها، للشك في أصل الشغل بها، كمن تنجست يده مثلا بنجاسة لا يعلمها أنها بول فيجب فيه مرتان، أو غيره فيجب مرة، فإنه لا يجب عليه أزيد من مرة، وكالشك في كون الصادر منه موجبا للقضاء والكفارة، أو للقضاء وحده.
واحتمال الفرق بين مشتبه الحكم والموضوع ممنوع، كاحتمال الفرق بين أسباب النجاسة وغيرها من أفراد قاعدة الشك بين الأقل والأكثر التي منها ما لو شك في شغل ذمته لزيد بعشرة دراهم أو أزيد المعلوم جريان أصل البراءة في مثله، كمعلومية منع دعوى بطلان ذلك باستصحاب الشغل إجمالا قياسا على من علم شغل ذمته بقدر خاص ثم شك في أدائه تماما أو بعضه، لوضوح الفرق بين المقامين.
وإما بناء على عدم استصحاب حكم الاجماع، لارتفاعه بعد تحققها.
وإن كانا معا لا يخلوان من نظر، أما الأول فلأن صفة الطهارة وما يحصل به الطهارة أمر شرعي لا يمكن حصوله إلا بتوقيف من الشارع، وأصالة البراءة لا تستقل