لكن لولا ظهور اتفاق كلمة الأصحاب عليه لكان للنظر فيه مجال، أما أولا فلظهور هذه الأخبار في غسل الجنابة خاصة، وأما ثانيا فلاحتمال كون النهي فيها لرفع الوجوب، لكون المقام مقام توهمه كما يشعر بذلك التعليل المتقدم، وأما قوله (عليه السلام):
(تجعله غسلا واحدا) فلا بد من تأويله بإرادة الرخصة ونحوها، لمنافاته ما دل (1) على كون التداخل رخصة لا عزيمة، وأما ثالثا فلما رواه سماعة بن مهران (2) عن الصادق وأبي الحسن (عليهما السلام) قالا: " في الرجل يجامع امرأته فتحيض قبل أن تغتسل من الجنابة، قال: غسل الجنابة عليها واجب " ولما رواه عمار (3) في الموثق عن الصادق (عليه السلام) أيضا أنه سأل " عن المرأة يواقعها زوجها ثم تحيض قبل أن تغتسل، قال: إن شاءت أن تغتسل فعلت، وإن لم تفعل فليس عليها شئ، فإذا طهرت اغتسلت غسلا واحدا للحيض والجنابة " ومن هنا نقل عن الشيخ في كتابي الأخبار جوازه بالنسبة للجنابة، ويؤيده عموم أو إطلاق ما دل (4) على الأمر بالغسل، ولا ينافي ذلك ما اخترناه من كون الغسل واجبا لغيره، إذ لا مانع من كونه مع ذلك مستحبا لنفسه، اللهم إلا أن يمنع ذلك في حال الحيض، نعم قد يشكل بالنسبة إلى غسل الجنابة خاصة بأنه متى صح أجزأ عن الوضوء، وهو غير ممكن هنا، لكن تقدم لك سابقا منع ذلك، وأن المختار عدم توقف صحة الغسل على ذلك كما بيناه فيما لو تخلل الأصغر في أثناء الغسل، وتقدم هناك ما له نفع تام في المقام، وكيف كان فلا ينبغي الاشكال في صحة الأغسال المستحبة لها كما نص عليه في السرائر والمعتبر سواء كان استحبابها لنفسها أو لغيرها مع عدم سقوط الخطاب به حال الحيض.