واقع لمفهوم الفرد المردد فكيف يتعلق به العلم؟!. وحل هذا الاشكال سهل، فان ارتباط المفهوم المعلوم بالذات بالواقع الخارجي ليس ارتباطا حقيقيا واقعيا، ويشهد له انه قد لا يكون العلم مطابقا للواقع، فكيف يتحقق الربط بين المفهوم والخارج؟، إذ لا وجود له كي طرف الربط، ولأجل ذلك يعبر عن الخارج بالمعلوم بالعرض. اذن فارتباطه بنحو ارتباط لا يستدعي أن يكون له وجود خارجي كي يشكل على ذلك بعدم الواقع الخارجي لمفهوم الفرد المردد.
ومما يؤيد ما ذكرناه من امكان طرو الصفات على الفرد المردد: مورد الاخبار بأحد الامرين، كمجئ زيد أو مجئ عمرو، فإنه من الواضح انه خبر واحد عن المردد، ولذا لو لم يأت كل منهما لا يقال إنه كذب كذبتين، مع أنه لو رجع إلى الاخبار التعليقي لزم ذلك ولا تخريج لصحة الاخبار الا بذلك.
يبقى اشكال صاحب الكفاية وهو: ان التكليف لتحريك الإرادة، والإرادة ترتبط بالخارج ارتباطا تكوينيا، فيمتنع التكليف بالمردد، إذ لا واقع له كي يكون متعلق الإرادة (1).
والجواب عنه: انه لا ملزم لان نقول بان التكليف لاجل التحريك والبعث والدعوة نحو متعلقه بجميع خصوصياته وقيوده، بل غاية ما هو ثابت ان التكليف لاجل التحريك نحو ما لا يتحرك العبد نحوه من دون التكليف المزبور بحيث تكون جهة التحريك وسببه هو التكليف المعين وان اختلف عن متعلقه بالخصوصيات.
ومن الواضح ان تعلق التكليف بالفرد المردد يستلزم الحركة نحو كل من الفعلين على سبيل البدل، فيأتي العبد بأحدهما منبعثا عن التكليف المزبور، وهذا يكفي في صحة التكليف وكونه عملا صادرا من حكيم عاقل.