الشيخ هو المتعين (1)، إذ مع كون الفعل ذا مصلحة على تقدير خاص أو مطلقا، لا تتعلق به الإرادة ولا يتصور التعليق فيها، لأنها فعل نفسي غير اختياري ينشأ عن العلم بالمصلحة، فمع تصور المصلحة في الفعل يتحقق الشوق إليه فعلا بلا تعليق على شئ، واما الابزار فالمفروض تحققه بالانشاء. فالحكم بحقيقته ووجوده الواقعي ثابت متحقق بدون تعليق.
وان التزمنا بان حقيقة الحكم تختلف عن حقيقة الإرادة وانه أمر اعتباري مجعول مستتبع للإرادة كان ما ذكره صاحب الكفاية هو المتعين، لان الإرادة وان تحققت في النفس بتصور المصلحة إلا أن الاعتبار والجعل يمكن أن يكون له مانع عن تحققه فيعلق تحققه على زوال المانع، لأنه فعل اختياري قابل للتعليق، فلا يتحقق الحكم الا عند تحقق القيد، وان كانت الإرادة متحققة من السابق لعدم تصور التعليق في تحققها، بل تتعلق بالأمر اللاحق لتصور المصلحة فيه فعلا الذي هو ملاك تحقق الإرادة.
إذا عرفت التحقيق، يبقى لدينا تشخيص أي الوجهين أصح، وان حقيقة الحكم هل هي عين الإرادة وابرازها، أو أنه امر جعلي اعتباري؟. الحق هو الثاني وانه أمر مجعول اعتباري، فإنه المرتكز بين الأصوليين، بل بين الناس، فان الايجاب يرونه امرا غير محض الإرادة، بل عبارة عن الزم اعتباري.
ويدل عليه ورود الأدلة الرافعة للاحكام بلحاظ بعض العناوين الثانوية، كالجهل والضرر والعسر والحرج وغيرها، بضميمة ظهورها في الامتنان، فان ذلك ظاهر في كون الحكم شيئا بيد الشارع يستطيع وضعه ويستطيع رفعه، فرفعه امتناعا، إذ لو كان الحكم عبارة عن الإرادة لم يكون رفعه ووضعه بيد الشارع لأنها غير اختيارية.