الامر الثاني: الذي يدور البحث فيه حول تشخيص نوع الارتباط الموجود بين المجعول والأمور الخارجية.
وقد عرفت أن مرجع الارتباط بالأمور الخارجية هو كيفية الانشاء والجعل، لان الاعتبار العقلائي تابع لقصد المنشئ، فقد يقصد تحقق المعنى في ظرف معين، فلا يتحقق الاعتبار إلا في ذلك الظرف، وهذا هو المعنى الارتباط، فيعلم بذلك بان الارتباط بين الامر الخارجي المفروض والمجعول ليس من قبيل ارتباط العلة بالمعلول، بمعنى أن يكون الامر الخارجي دخيلا في تحقق الاعتبار ومؤثرا فيه، كي يستشكل بان الاعتبار فعل من أفعال العقلاء تابع للإرادة فلا يمكن ان يؤثر فيه ما هو خارج أن أفق النفس من الخارجيات. وانما الارتباط بينهما ناشئ عن كيفية الانشاء والجعل، فإنه كما عرفت تابع لقصد المنشئ، فإذا انشاء المعنى وقصد تحققه في فرض وتقدير خاص كان الاعتبار في ذلك الظرف الخاص وعلى ذلك التقدير المعين، ولا يخرج بذلك عن كونه فعلا من أفعال العقلاء تابعا لتحقق الإرادة بلا تأثير للخارجيات فيها أصلا.
الامر الثالث: في تحقيق معنى الفرض والتقدير الذي ورد في كلام المحقق النائيني في مقام بيان المراد من القضية الحقيقية من أن موضوعها مأخوذ بنحو فرض الوجود، وانه هل يمكن أن يكون الامر المتأخر مأخوذا بنحو الفرض والتقدير أو لا يمكن؟. ولا بد قبل ذلك من البحث في أن هذه القيود المأخوذة في القضية الحقيقية بنحو فرض الوجود هل هي من قبيل قيود متعلق التكليف أو لا، بل تكون من قبيل آخر؟. بيان ذلك: ان قسما من القيود يكون راجعا إلى متعلق التكليف ولا يجب تحصيله، كما إذا كان من الأمور غير الاختيارية كالوقت في مثل: " صل في الوقت الكذائي "، أو كان من الأمور الاختيارية ولكن أخذ قيدا بوجوده - لا بذاته كي يجب تحصيله نظير أخذ الطهارة في الصلاة -، وذلك كالمسجد في مثل: " صل في المسجد "، فان كلا من