إليه، كأصالة الطهارة أو استصحابها في الماء حيث يحرز بهما حدوث طهارة الثوب المغسول به، دون بقائها، فلو احتمل طروء النجاسة على الثوب بعد غسله بالماء المذكور أمكن استصحاب طهارته.
أما لو كان الأصل بنفسه متكفلا بإحراز مؤداه في الزمان الثاني أيضا، لتحقق موضوعه بالإضافة إليه، فقد ذكر غير واحد أنه لا مجال لاستصحاب مؤداه، للقطع ببقائه، كما لو احتمل نجاسة الثوب في زمان خاص، كيوم الجمعة، فجرت فيه أصالة الطهارة أو استصحابها بالإضافة إليه، ثم شك في طروء النجاسة عليه بعده، لوضوح أن موضوع الأصل المحرز للطهارة في ذلك الزمان متحقق بنفسه في الزمان اللاحق، فيقطع معه ببقاء مؤدى الأصل بلا حاجة إلى الاستصحاب.
وتوهم: أن الاحراز إن كان بقاعدة الصهارة لم يمنع عن جريان الاستصحاب لحكومته عليها.
مدفوع: بأن ذلك إنما يتم في استصحاب الطهارة الواقعية، لا استصحاب الطهارة الظاهرية التي هي مؤدى قاعدة الطهارة، للقطع - مع تحقق موضوع قاعدة الطهارة - ببقاء المتيقن السابق الذي هو مؤدى الأصل، ولا شك فيه حتى يجري استصحابه.
لكنه يندفع: بأن بقاء موضوع الأصل الاحرازي لا يوجب القطع ببقاء مؤداه، ليرتفع به موضوع استصحابه، ويكون تعبدا بما هو محرز بالوجدان، لما أشرنا إليه آنفا من عدم كون مفاد الأصل حكما ظاهريا قابلا للبقاء، بل لا أثر له إلا إحراز الحكم الواقعي تعبدا، وحينئذ فتحقق موضوع الأصل في الزمان الثاني وجريانه لا يقتضي إلا إحراز الحكم الواقعي تعبدا فيه كإحرازه في الزمان الأول، ولا يرتفع به موضوع الاستصحاب، بل يشترك هو والاستصحاب في الاحراز التعبدي لا غير.