والوجه في ذلك: أن كون شئ محلا لشئ ليس تابعا لعلاقة حقيقية بينهما لا تقبل الاختلاف والتبدل، بل هو أمر إضافي يختلف وجودا وعدما باختلاف جهة الإضافة، من اعتبار شرعي، أو عرفي، أو عادة، أو عقل، أو نحوها، فلابد من ملاحظة خصوص جهة تصلح لانتزاع النسبة المذكورة، والمناسب للشارع إرادة ما يتعلق به ويرجع إليه، وهو خصوص المحل الشرعي.
وتوهم: أن مقتضى الاطلاق الاكتفاء بكل جهة صالحة لانتزاع عنوان المحل شرعية كانت أم غيرها.
مدفوع: بأن الاطلاق إنما ينهض بإلغاء القيود الزائدة على المفهوم، وخصوصية الجهات المختلفة ليست مقيدة لمفهوم المحل، بل معيار في صدقه ومصحح لانتزاعه، وإطلاق العنوان لا يتكفل بذلك، بل المتكفل به الاطلاق المقامي، وهو يقتضي كون المعيار المحل العرفي لو لم يكن هناك محل شرعي، وإلا كان هو المتعين، كما ذكرنا.
ومنه يظهر أنه لا مجال لدعوى: أن القاعدة في المقام لما لم تكن تعبدية محضة بل ارتكازية عقلائية فالجهة الارتكازية المقتضية لها تقتضي الاكتفاء بالمحل العادي ونحوه مما يصدق معه المضي عرفا، والاكتفاء بالمحل الشرعي إنما هو لرجوعه إليه، بسبب بناء المكلف على متابعة الجعل الشرعي، فيكون إتيانه بالشئ في محل المذكور مقتضى قصده الارتكازي تبعا لقصد الامتثال، الذي هو كالقصد الارتكازي التابع للعادة مصحح لصدق المضي عرفا.
ولا مجال مع ذلك للجمود على خصوص المحل الشرعي التعبدي، لان الجهات الارتكازية لا تناط بالأمور التعبدية.
لاندفاعها: بأن موضوع الجهة الارتكازية ليس الا المضي، وجري الشارع عليها إنما يقتضي جعل كبرى مطابقة لها من قبله، وإناطة صدق المضي بجهة