التأسيس لا بلسان النسخ والتعديل لاحكام الشرايع السابقة.
بل لا إشكال ظاهرا في تأخر تشريع كثير من مهمات الفرائض كالصلاة والزكاة والصوم مع وجود نظائرها في الشرايع السابقة ولم يعرف عن المسلمين العمل عليها في أول البعثة.
بل النظر في كيفية تشريع كثير من الاحكام - كتحريم الخمر والربا والفرائض والعدد - شاهد بابتناء التشريع على التدرج حتى تكامل، لا على التعديل لما سبق، بنحو يكون في جميع الأوقات تشريع متكامل، بعضه من الأديان السابقة وبعضه من الاسلام.
فمن القريب جدا نسخ الشرايع السابقة بتمام أحكامها العملية ببعثة النبي صلى الله عليه وآله ثم تأسيس الشريعة من جديد بعد مرور فترة خالية من الاحكام، قد ترك فيها الناس على ما كانوا عليه في الجاهلية من أعراف وعادات في نظام الحياة.
وإن كان أهل تلك الشرايع ملزمين بأحكامها في الفترة المذكورة إما ظاهرا بمقتضى أصالة عدم النسخ قبل قيام الحجة عندهم على الدين الجديد، أو واقعا لقاعدة الالزام التي هي قاعدة ثانوية ترجع إلى ثبوت الحكم بعنوان طارئ، لا بمقتضى تشريعه الأولي.
ومن هنا يشكل البناء على بقائها في حق المسلمين وغيرهم ممن لم يتدين بتلك الشرايع أو ثبت عنده نسخها بالاسلام.
ثم إن شيخنا الأعظم قدس سره تعرض لبعض الموارد التي يبتني الحكم فيها على هذه المسألة وتكون ثمرة لها، وقد أطال الكلام في مفاد أدلتها بما لا مجال للتعرض، له هنا، بل يوكل للفقه.