وأنزل عليه الحدود، وقسمة الفرائض، وأخبره بالمعاصي التي أوجب الله عليها وبها النار لمن عمل بها، وأنزل في بيان القاتل... " (1).
وهذا الحديث - كما ترى صريح - في عدم تشريع الاحكام الفرعية إلا بعد الهجرة تدريجا، وأن الدين في أوائل البعثة لم يكن الا الشهادتين، ولا يلزم المسلم بسواهما، وإنما يندب لمكارم الأخلاق الارتكازية، وهو مستلزم لنسخ جميع أحكام الشرايع السابقة الالزامية ونحوها من الأمور التعبدية، وليس تشريع الاحكام الموافقة لها أو المخالفة إلا بعد فترة طويلة.
وهو وإن كان ضعيفا سندا، إلا أنه مؤيد بما ورد في صحيح أبي بصير ومرسل اللؤلؤي عن أبي عبد الله عليه السلام في حديت إسلام أبي ذر رضي الله عنه بعد تكليم الذئب له وبحثه عن النبي صلى الله عليه وآله في مكة ووعده " بتصديقه وطاعته في كل ما يأمره به، وأنه دخل عليه صلى الله عليه وآله وشهد الشهادتين أمامه ووعده الطاعة له، فقال صلى الله عليه وآله: " أنا رسول الله يا أبا ذر انطلق إلى بلادك... وكن بها حتى يظهر أمري " قال أبو ذر: " فانطلقت... وبقيت ببلادي حتى ظهر رسول الله صلى الله عليه وآله فأتيته " (2)، فان الظاهر من الحديثين أن تمام الدين الذي أمر صلى الله عليه وآله بتبليغه هو الشهادتان.
على أن ذلك هو الموافق للاعتبار، لابتداء الدعوة الاسلامية بين قوم يجهلون أحكام الشرايع السابقة ولم يألفوا العمل بها، وظروف الدعوة حينئذ لا تناسب فرض ذلك، بل لابد من تركز الدين كعقيدة واستحكام أصوله في النفوس والمجتمع والاعتراف به كحقيقة ثابتة قبل فرض سيطرته العملية في الحياة بتشريع أحكام العبادات والمعاملات. ولذا كانت التشريعات بلسان