وقع الكلام في وجوب البناء عليها.
بل ادعى قدس سره استمرار سيرة المسلمين في أول البعثة على ما كانوا عليه حتى يطلعوا على الخلاف، وإن لم يكن ذلك منه خاليا عن الاشكال، لعدم اطلاعهم غالبا على أحكام تلك الشرايع، لعدم سبق تدينهم بها وعدم اختلاطهم بأهلها وعدم تيسر مصادرها لهم.
نعم، كان لهم بعض الالتزامات من دين إبراهيم عليه السلام تبعا لقومهم كالحج، وبعض، الأغسال، والختان، ولعل وجه جريهم عليها مع العلم بنسخ شريعة إبراهيم عليه السلام بما بعدها من الشرايع التي لم يلتزم أهلها بهذه الأمور، هو العلم برجحانها شرعا، أو إعلام النبي صلى الله عليه وآله لهم بعدم نسخها في الشرايع المذكورة وإن ضيعها أهل تلك الشرايع تمردا عليها أو لتحريفها عندهم.
الثالث: أن العلم الاجمالي بنسخ بعض أحكام تلك الشرايع مانع من الرجوع في مورد الشك فيه للاستصحاب أو أصالة عدم النسخ.
وقد أجاب عن ذلك غير واحد بانحلال العلم الاجمالي بالظفر بأحكام منسوخة من تلك الشرايع بقدر المعلوم بالاجمال، ويرجع في الباقي للأصل.
وهو كما ترى! فرض لا واقع له، لعدم الاطلاع على أحكام تلك الشرايع كي يعلم بنسخ قسم منها بمقدار المعلوم بالاجمال، لفقد المصادر المعتمدة لها، وما اطلع على نسخه منها قليل جدا لا يصلح لحل العلم الاجمالي المفروض.
فالعمدة في الجواب عن ذلك: أنه لا أثر للشك في النسخ في مورد العلم بالحكم الفعلي مع الجهل بحكم الشريعة السابقة، لوجوب العمل على الحكم المعلوم، سواء كان باقيا من الشريعة السابقة، أم حادثا بهذه الشريعة بعد نسخ، الحكم المخالف له في تلك الشريعة ولا في مورد الجهل بالحكمين معا، وينحصر الأثر له بمورد الجهل بالحكم الفعلي مع العلم بحكم الشريعة السابقة، ومن الظاهر قلة الموارد المذكورة فلا يعلم إجمالا بتحقق النسخ في بعضها،