وكذا الحال في الجملة الخبرية، فإنها وإن كانت تكشف عن وجود الموضوع للملازمة المفروضة، إلا أن مفادها - وهو الاخبار والحكاية - لا يتعلق به حتى تبعا، إلا مع عناية خاصة من الخبر.
إن قلت: لم لا يجري الاستصحاب في نفس الموضوع المفروض سبق اليقين به، ليكون محرزا بنفسه تمهيدا لجريان استصحاب القضية، فيقال في مثل استصحاب طهارة ماء الكوز عند الشك في وجود ماء في الكوز: كان ماء الكوز موجودا فهو كما كان، أو: كان في الكوز ماء فهو كما كان.
قلت: الموضوع بنفسه وإن كان مما له الدخل في الأثر الشرعي، إلا أن أخذه فيه ليس شرعيا مستندا إلى أخذه في كبرى شرعية، لفرض عدم تعرض الكبرى الشرعية في مقام جعل الأثر إلا لمفاد القضية الحملية التي يراد استصحابها، وإنما هو عقلي ناشئ من تفرع القضية على موضوعها، وترتب الحكم فيها عليه، وهو لا يكفي في جريان الأصل، لما يأتي في مبحث الأصل المثبت من انصراف أدلة التعبد إلى النظر للكبريات الشرعية.
نعم، لو فرض أخذ ذلك في الكبرى الشرعية اتجه الرجوع للاستصحاب، كما لو ورد: إن كان في الكوز ماء وكان طاهرا فتصدق بدرهم، تعين جريان الاستصحاب في الموضوع، كما يجري في المحمول، إذ يكون موضوع الأثر مركبا من جزئين يجري الاستصحاب في كل منهما. وهو خارج عن محل الكلام.
ثم إن هذا لا يختص بالموضوع الذي هو بمعنى المبتدأ، بل يجري في جميع ما يقوم به المحمول مما لا يصح حمله بنفسه، وإن اخذ في لسان القضية قيدا في المحمول، فقولنا: زيد أعلم من عمرو، كما يقتضي في رتبة سابقة المفروغية عن زيد يقتضي المفروغية عن عمرو.