والإشكال في أن قصد القربة لا يتوقف على تماميتها، لأنه أمر خارج عن الأمر، ولا يحتاج إليه في ذلك، لأن الحسن الذاتي الثابت بالعقل، كاف في التقرب به من الله تعالى، خارج عما نحن بصدده، وليس الأصحاب في موقف البحث عنه وعما به عبادية العبادة، فليتدبر.
فالجهة المبحوث عنها، هي أنه لو فرضنا أن قصد التقرب ليس إلا إتيان المأمور به امتثالا للأمر، والقربة لا تحصل إلا بالانبعاث عن الأمر، وبالتحرك نحو المأمور به بالتحريك الاعتباري الثابت من قبل المولى، فهل يمكن عند الشك في اعتبار القيد المزبور اللاحق بالطبيعة قهرا التمسك بالإطلاق؟
أو لا يمكن، للزوم المحاذير الراجعة إلى عدم تمامية المقدمات، ضرورة أن صحة التمسك بالإطلاق، موقوفة على إمكان التقييد، وإذا امتنع ذلك فيمتنع ذلك، فيتعين الاحتياط؟
فبالجملة: وإن أمكن دعوى سقوط البحث الطويل في المسألة، لأن منشأه توهم: أن معنى قصد القربة، هو الامتثال وإتيان المأمور به بداعي الأمر، وعند ذلك يطول البحث، ويصبح الكلام في واد آخر، ويلزم المحاذير التي توهمها المتأخرون (1) بعد الشيخ الأعظم (قدس سره) تبعا له (2)، غافلين عن أن الأمر ليس كذلك، وأن المبنى فاسد، ضرورة أن قصد القربة والعمل التعبدي، ليس إلا الإتيان به بداع إلهي، وبنحو مرتبط به تعالى، من غير اشتراط تعلق الأمر في عباديته.
فتعظيم المولى ومدحه وثناؤه إذا كان بقصد التقرب إليه، من العبادات وإن لم يتعلق به أمر.