ولا دليل على وجود هذه المرتبة، بل القدر المتيقن هو أصل الإرادة الذي هو منشأ انتزاع مفهوم اللا وجوب.
فتحصل: أن التمسك بمقدمات الحكمة، موقوفة صحته على إثبات أن الإطلاق يقتضي الوجوب، وهو ممنوع، لما مر من اختلاف العناوين بحسب المفهوم، واختلاف الإرادات بحسب الوجود، واختلافها في الشدة والضعف، تابع لاختلاف المصالح والمفاسد المدركة في المرادات والمتعلقات، وليس ذات الإرادة - بما هي إرادة - ذات تشكيك، بل التشكيك فيها بتبع التشكيك في الجهات الاخر.
ولو كانت ذواتها مشككة بالتشكيك الخاصي - كما لا يبعد ذلك في بادي النظر - ولكنه أجنبي عن المرام والمقصود في المقام.
فينحصر الاستفادة بالطريقة الرابعة: وهي أن طريقة العقلاء على استكشاف الإرادة الجدية الحتمية من القرينة العدمية، وهي عدم ذكر القرينة الوجودية على سائر الدواعي في الاستعمال.
فتحصل: أن الشبهة كانت موقوفة على مقدمات:
أحدها: كون الصيغة موضوعة للتحريك الاعتباري، أو البعث والإغراء، أو إنشاء الطلب، أو إيقاع النسبة.
ثانيها: عدم اتكاء المتكلم على القرينة.
ثالثها: استفادة العرف والعقلاء الوجوب منها.
فإنه عند تمامية هذه المقدمات يلزم التناقض، فإنه كيف يعقل الجمع بينها، مع كون المفروض هذه الأمور الثلاثة؟!
وكان الجواب: إنكار المقدمة الثانية، بإثبات اتكاء المتكلم على القرينة، ولكنها عدمية، وهذه القرينة والعادة العرفية، نشأت من أوائل الأمر قبل ظهور الاسلام، بل وسائر الأديان، فلاحظ وتدبر جيدا.