وجه للكاشفية الظنية، فضلا عن العقلائية.
الطريقة الثالثة: أن عدم القرينة قرينة الوجوب واللزوم (1).
ولعمري، إنه أقرب الوجوه، فإن العرف والعقلاء بناؤهم على نسبة الوجوب واللزوم إلى المولى، بعدما رأوا منه الأمر والبعث والتحريك، فيعلم من النسبة المزبورة: أن الصيغة تلازم الوجوب والتحتم عند قيام القرينة العدمية.
وإن شئت قلت: الوجوب والندب من العناوين المتقابلة، ومنشأ تقابلهما إما ذاتهما، لما بينهما من الاختلاف الذاتي في عالم العنوانية، أو اختلاف مناشئهما، وهي الإرادة الموجودة في نفس الموالي. واختلاف الإرادات ليس كاختلاف الماهيات العالية الجنسية أو النوعية، بل الإرادة في الندب والوجوب من نوع واحد، واختلافهما بالمنضمات الفردية.
وما قرع سمعك: من التشكيك الخاصي، فهو ليس في الفردين من النور والوجود العرضيين، بل هو في النور الواحد الذي له مراتب، وما فيه التشكيك هو الواحد الشخصي بحسب مراتبه من العلية والمعلولية، وأما بين الأفراد العرضية التي ليست بينها العلية والمعلولية، فلا تشكيك خاصي، فلا معنى لتصوير التشكيك بين الفردين من الخط الطويل والقصير، فإنهما متباينان كزيد وعمرو.
نعم، النور الضعيف الموجود بعين وجود القوي، ممتاز عنه بنفس النورانية، لا بالنور الآخر. نعم هذا التشكيك هو التشكيك العامي.
فبالجملة: لا يعقل كون الوجوب ناشئا من الإرادة غير المحدودة، والندب من الإرادة المحدودة وإن كانتا مشككتين، فإنه أجنبي عما نحن بصدد إثباته، فإذا كان كل واحد منهما غير الآخر في الوجود والعلل ومبادئها، فلا معنى لاحتياج أحدهما