أن قياس ما نحن فيه بصيغة الأمر مع الفارق، فإنه في صيغة الأمر كان الموضوع له معينا في كلماتهم، بأنه طلب إنشائي، أو بعث، أو تحريك اعتباري، أو إيقاع للنسبة، وهذا فيما نحن فيه غير معلوم، لأنه لا يعقل الجمع بين المعنى الإخباري والإنشائي، فإن الإخبار هو الإعلام عن النسبة الواقعية غير المستندة في وجودها إلى الاستعمال، والإنشاء هو المعنى الذي يوجد بالاستعمال، فيكون الاستعمال هنا ايجاديا، وهناك إخطاريا.
نعم، بناء على القول برجوع الانشاء إلى إبراز ما في الضمير، والإخبار عن المعتبر النفساني (1)، فهو له وجه، ولكنه فاسد كما مر (2)، ولا أظن التزام القائلين: بأن الانشاء هو الإبراز، أنه عين الإخبار، ولكن الأوعية مختلفة، فوعاء جملة " زيد قائم " هو الخارج صدقا وكذبا، ووعاء جملة " هذا مسجد " أو " أنت طالق " و " ضامن " الذهن، وقد تكون متحدة كما في القضايا المعقولة، فتدبر جيدا.
وأما الالتزام بالمجاز في الإرادة الجدية دون الاستعمالية، على التقريب الذي عرفته من السيد الوالد - مد ظله -، فهو وإن صح ثبوتا، ولكنه غير مرضي إثباتا، لأن كلمة " بعت " وأمثالها، وكلمات " يعيد " و " يتوضأ " وأمثالها، ربما تكون في الكثرة الاستعمالية إلى حد لا يجد العرف فيها المجازية، بل المتبادر منها هي المعاني الإنشائية، فتكون من الاشتراك اللفظي.
نعم، الهيئة موضوعة أولا للإخبار، ثم استعيرت للإنشاء واستعملت فيه، حتى عد من معانيها، وهذا مما لا ضير فيه.
نعم، الجمل الاسمية مختلفة، فما كانت من قبيل " هي طالق " فالاشتراك