كاف لانبعاث المكلف والقيام نحوه، فلا بد من إيجاب إفراغ الذمة والأمر به، وإذا كان مفاد الأمر الثاني أيضا جعل شئ في الذمة يتسلسل، فلا تغفل.
فتحصل: أن القول بوحدة الموضوع له، ليس واضحا سبيله، سواء كان المستعمل فيه أيضا واحدا، فلا يكون مجازا أصلا، أو كان متعددا ومجازا.
إن قلت: لا بد من الالتزام بتعدد المستعمل فيه، فيكشف منه تعدد الموضوع له، لأن الأصل كون الاستعمال على نعت الحقيقة، وذلك لأن الانشاء هو إبراز المعتبر النفساني والوجود الذهني، بحيث يكون ما به الانشاء بعد الانشاء، مصداقا لذلك المعتبر حقيقة.
مثلا: استعمال الهيئة في الاستهزاء والتعجيز ونحوهما، ليس إلا إبراز ما في القلب والنفس من السخرية والاستهزاء وما شاكلهما، فالصيغة في كل مورد منهما، تبرز معنى يختلف عن الثاني ويغايره، فيكون المعنى المستعمل فيه متعددا.
قلت: هذا من الآراء الفاسدة التي أشرنا في الصحيح والأعم وفي غير موضع إلى مفاسده (1)، ضرورة أن الأمور النفسانية - بقيد النفسانية - غير قابلة للإبراز والإظهار، وما هو القابل هو المعاني الاعتبارية مع قطع النظر عن التقيد المزبور، فيكون الانشاء هو الإيجاد الاعتباري المستلزم للوجود الاعتباري في محيط الاعتبار.
فالمستعمل فيه أمر، وما هو السبب لبروز الدواعي أمر آخر، فإن المستعمل فيه هو المعنى الإيجادي، بعثا كان، أو طلبا، أو غيرهما، وهو الموضوع له، وهذا الاستعمال بعد تحققه، كاشف ومبرز لما هو الداعي إليه، والمقصود الأصلي منه، والمراد الجدي، فلا تخلط.
وأما توهم: أن قضية هذا التقرير تعدد المستعمل فيه، دون الموضوع له، لأن الاستعمال أعم من الحقيقة، فهو أفسد، لما أشير إليه من أن جميع الاستعمالات