للجعل، فلا بد من استكشاف وجه ارتكاز العقلاء الناهض على فهم مراد المولى من الإطلاق في المقام، وهذا غير ممكن إلا بالوجه السديد الذي أشرنا إليه سابقا (1).
وهو أن القرائن على قسمين: وجودية جزئية، وعدمية كلية، فربما يتكئ المتكلم على القرينة الوجودية، وأخرى على العدمية النوعية، ومن الثاني سكوته بعد الأمر، فإنه شاهد على أنه بعث وجوبي، وشاهد على أنه نفسي، وعيني، وتعييني، فإن بناءهم على إفادة الندب والغيرية وأمثالها بالقرينة الوجودية الجزئية، وعلى إفادة الوجوب والنفسية مثلا بالقرينة العدمية النوعية.
وهذه أيضا قرينة، فلا معنى لحمل " الإطلاق " في هذه المباحث على الإطلاق المصطلح، بل المراد منه هنا هو الإلقاء بلا قرينة وجودية تشهد على أن المراد قسم خاص من القسيمين، فيرفع الاجمال والإبهام لأجل هذه القرينة العدمية، ولا يحتاج حينئذ إلى مقدمات الإطلاق وإحرازها، بل مجرد الأمر كاشف عن حدود الإرادة وتعينها، من غير توقف على إحراز كونه في مقام البيان وسائر المقدمات، بلا شبهة واشكال.
وأما ما في " الكفاية ": من اقتضاء الحكمة ذلك (2)، فهو ممنوع، لأنه كثيرا ما يقع الاجمال في الأدلة، فلا برهان على لزوم كون الكلام خارجا عن اللغوية.
مع أنه لا يكون لغوا إذا أتى بغيره، لأنه من آثاره، فلو قال: " صل " واحتمل كفاية الصدقة عنه فتصدق، فإنه لا يلزم اللغوية، لأنه تصدق لأجل قوله: " صل " فلا بد من تحرير المسألة على وجه مفيد في جميع المقامات والفروض. هذا بناء على حمل كلامه على أن المراد من " الحكمة " هو صون كلام الحكيم من اللغوية.
وأما بناء على ما هو الأظهر، من إرادته مقدمات الحكمة، فالاستدلال ينتج