فإذا كان نائما تحت السماء، فأمطرت السماء، فغسلت يداه، فإن الأمر بالغسل ساقط، لأنه قد تحقق، وما زاد عليه مشكوك منفي بالبراءة العقلية والعقلائية والشرعية.
وغير خفي: أن البراءة هنا مقدمة على الاستصحاب المتوهم، لانتفاء الشك بجريانها قبل حدوثه تعبدا.
شبهة: قد يشكل تصوير الشك، في أن الواجب هل هو المعنى الاختياري، أو الأعم منه ومن غير الاختياري؟ إلا برجوعه إلى أن مفاد الهيئة، ليس إلا أن المادة واجبة التحقق، وهذا مع كون الأمر مستلزما للخطاب مشكل، لأن الخطاب يستلزم المباشرة، والفعل الصادر لا عن اختيار لا يعد من فعل الانسان مباشرة، حتى يكون كافيا إذا صدر لا عن اختيار.
مثلا: إذا ورد " اغسل ثوبك " واتفق نزول المطر عليه، فإنه وإن غسل ثوبه، ولكنه لا يعد هذا فعله المباشري. فإذا كان ظاهر الخطاب مباشرة الفعل، فلا بد من الالتزام بأصالة التعبدية في ناحية الاختيار أيضا.
ثم إن من المحتمل دعوى اختلاف فهم العرف بين ما إذا ورد إفادة المطلوب بالمضارع المجهول، فيقال مثلا: " يغسل ثوبه " وبين ما إذا قال: " ليغسل ثوبه " بالأمر، وفيما إذا قال: " يغسل ثوبه " بالمعلوم أيضا مثل الأمر، ففي الأولى لا يستفاد المباشرة، ولا الاختيارية، بخلاف الصورتين الأخيرتين.
وأما إذا قامت القرينة على أحد الأطراف فهو المتبع، فإن فهم العرف ربما يكون في بعض الأحيان، قرينة على أن قيد المباشرة والاختيار لا خصوصية له أصلا، كما في الأمر بالغسل، وإحراق الكتاب، وكسر الأصنام، وربما يجد ذلك قيدا كما في القربيات، وربما لا يجد أمرا، ويتردد، كما في بعض الأمثلة النادرة، كجواب السلام والتحية مثلا.