العلو والاستعلاء في مفهومه.
ولا ينبغي لأرباب النظر الخلط بين الاستعمالات الخاصة في أفق من الزمان الواضحة مناشئها، وبين ما هو معنى اللغة والمادة.
ومما يؤيد مقالتنا: أن الأوامر الصادرة من الأزواج والآباء والسادة، بالنسبة إلى الزوجات والأبناء والعبيد، واجبة الإطاعة، مع أنها كثيرا ما لا تصدر من العالي، كيف؟! ويمكن كون الزوجة عالية على زوجها بالعلم والمال والجاه والمقام، وهكذا في الابن والعبد، ولو كانت هي الالتماس والاستدعاء، لما كان وجه لوجوب الطاعة عند العقلاء، كما لا يخفى.
وتوهم كفاية الاستعلاء، كتوهم: أن العلو الاعتباري المزبور كاف، ومن الممكن دعوى: أن الاستعلاء المعتبر ليس إلا العلو، لعدم إمكان التفكيك بينهما، لأن المراد من " العلو " هو العنوان المظهر، لا الأوصاف الذاتية، فعليه يكفي العلو، وهو في الأمثلة المزبورة موجود.
وأنت خبير بفساد ذلك، فإن العلو المعتبر هو المعنى العرفي، فربما يكون لهؤلاء المذكورين، علو عرفي على مقابليهم، مع وجوب إطاعتهم على هؤلاء، فلا تغفل.
ومما يؤكد مرامنا، تقسيمه إلى الأوامر الواجبة والمندوبة، مع أن المتفاهم على ما يتراءى من مرادفاته كما في الفارسية - وهو كلمة " فرمان " - لا يناسب الندب والترخيص في الترك، فيعلم من ذلك: أن كلمة " فرمان " ليست مساوقة " للأمر " ولا كلمة " دستور " مساوقة له.
ثم إن المراجعة إلى كتب اللغة وما وصل منهم إلينا، تعطي عدم صحة ما بنوا عليه، والفحص عن المشتقات يؤدي إلى الاطمئنان بفساد ما قالوا، وليس فيها شئ