بالمعروف والنهي عن المنكر، وبناء الفقهاء إلى زماننا هذا على وجوبه العمومي على كافة الناس، من غير تقييد بكون الآمر لا بد وأن يكون عاليا مستعليا، بل يجب عندهم الأمر بالمعروف على السافل بالنسبة إلى العالي المستعلي، وعند ذلك يلزم أحد أمرين:
إما الالتزام بعدم اعتبارهما مفهوما، وأن مطلق البعث أمر ولو كان مصحوبا بالاستدعاء والالتماس.
وإما الالتزام بأن ما هو الواجب ليس مشتركا فيه كافة الناس، بل هو مخصوص بجمعية معينة لذلك وهذا من المقامات والمناصب، كما هو الآن كذلك في بعض الدول الإسلامية.
والذي يساعده الذوق وبعض الآيات والروايات هو الثاني، وما هو قضية الاتفاق والإجماع هو الأول.
وتوهم: أن عمومية الحكم تستفاد من دليل آخر، غير تام.
إن قلت: ما هو محل البحث هو الأمر المولوي، وأما سائر الأوامر - ومنها الارشاديات - فلا يعتبر فيها العلو والاستعلاء، فعليه يسقط الإشكال من أساسه (1).
قلت أولا: تقسيم الأوامر إلى هذه الأقسام، دليل على أن " الأمر " يصدق على تلك البعوث والتحريكات.
وثانيا: المسألة لغوية، والأصحاب اعتبروا العلو، لأجل التبادر، وقد ورد في الكتاب والسنة كلمة " الأمر بالمعروف " إلى حد لا تعد ولا تحصى، فالآمرون بالمعروف ينحصرون بالذين لهم العلو الواقعي، قضاء لحق كلمة " الأمر " ولعل الأمر في كلمة " الناهين " كذلك.