الإتيان بها، فلا يكون له وجه إلا عدم تحقق الغرض الباعث إلى الأمر، فإن الضرورة قاضية بأن الإتيان بمتعلق الأمر، يستلزم سقوطه، فإذا كان لا يسقط فليس إلا لبقاء الغرض، فلا بد من الإتيان بقصد الأمر بحكم العقل، ولو كان يشك في ذلك فبحكمه أيضا يجب، فلا تصل النوبة إلى الأمر الثاني، وتلزم اللغوية (1).
أقول: مرادهم من " الأمر الثاني " هو الأمر التأسيسي النفسي، وعليه لا يعقل تعلق الأمر الثاني بالطبيعة المقيدة، لما تقرر منا في محله من امتناع ذلك (2)، وأن البعث التأسيسي إلى شئ واحد، لا يمكن إلا مرة واحدة، وما يتعلق به ثانيا يكون تأكيدا، وإذا كان مشتملا على القيد يكون إرشادا إلى تقييد المتعلق في الأمر الأول، فتصوير الأمر الثاني ممنوع وممتنع، فلا يعقل ما فرضه الأصحاب (رحمهم الله) معقولا (3).
هذا، ولو سلمنا إمكان الأمر الثاني التأسيسي المتعلق بالقيد، فلا وجه لما أفيد في المقام، لأن الالتزام بالشق الثاني ممكن، ضرورة أن المكلف الملتفت إلى العقاب على ترك الأمر الثاني، لا يبادر إلى امتثاله، حتى يبقى موضوع للأمر الأول، كمن نذر أن يصلي صلاته جماعة أول الظهر، فإنه إذا بادر إلى امتثال الأمر المتعلق بصلاة الظهر أول الوقت، فهو وإن امتثل أمره، ويسقط أمر الفريضة، ولكنه عصى وجوب الوفاء بالنذر، ولا يتمكن من تداركه، لانتفاء موضوعه، وإذا كان يرى ذلك فلا يبادر إليه إلا بالجماعة أول الوقت، فلا يكون الأمر الثاني لغوا.
وربما يقال: بإمكان الالتزام بالشق الأول في كلامه، لإمكان الالتزام بلزوم