يكون الامر بالصوم بعد الفجر لاشتراطه به ويستحيل تقدمه عليه كما أن الامر بالغسل لابد وأن يكون قبل الفجر لاشتراط الصوم في الجزء الأول من النهار بالطهارة وحينئذ فحيث ان غرض المولى مترتب على الصوم المقيد بالطهارة ويستحيل ان يأمر بهما بأمر واحد جامع بين ما قبل الفجر وما بعده فلا بد وان يستوفى غرضه بأمرين أحدهما قبل الفجر بالغسل والاخر بعد الفجر بالصوم وحينئذ فحيث ان الامرين نشئا عن ملاك واحد فهما في حكم أمر واحد واطاعتهما ومعصيتهما واحدة ولا يكون الاتيان بالمأمور به من أحدهما مجزيا ومسقطا من دون الاتيان بالمأمور به من الاخر وما نحن فيه من هذا القبيل أيضا فإذا إذا فرضنا ان غرض المولى مترتب على الصلاة بداعي القربة فإذا أراد المولى استيفاء غرضه فحيث انه لا يمكن له ذلك الا بأمرين فلابد له من أمر متعلق بذات الصلاة وامر آخر متعلق باتيانها بقصد القربة (وتوهم) الاكتفاء بأمر واحد بالصلاة وايكال الجزء الآخر وهو قصد القربة إلى حكم العقل لا معنى له فان شأن العقل انما هو الادراك وان هذا الشيئ مما اراده الشارع أم لا وليس الامر والتشريع من شؤنه حتى يكون هو شارعا في قبال الشارع فكما ان ذات الصلاة تعلق بها إرادة الشارع لكونها مما له دخل في غرضه كذلك لابد وأن يكون داعى القربة متعلقا لإرادته غاية الأمر انه لا يعقل ذلك بالامر الأول فلابد من الأمر الثاني المتمم للجعل الأول حتى يكون الامر ان في حكم أمر واحد (فظهر) ان توهم سقوط الأمر الأول مع عصيان الأمر الثاني لا معنى له فان ذلك انما يصح فيما إذا كان الامر ان مستقلين وناشئين عن ملاكين كما إذا فرضنا تعلق النذر بفعل صلاة الفريضة في المسجد فإنه إذا صلاها في الخارج يسقط الامر الصلاتي وإن كان عاصيا بالقياس إلى الامر النذري ويجب عليه الكفارة لافى مثل ما نحن فيه الذي نشأ الامر ان فيه عن ملاك وغرض واحد فيستحيل سقوط أحدهما دون الاخر كما ظهر ان عدم السقوط ولزوم الاتيان بداعي الامر من قبل الأمر الثاني لا من قبل حكم العقل والزامه لما عرفت ان شأنه الادراك لا الالزام (فتحصل) مما ذكرناه انه في كل مورد احتمل العقل عدم تمامية الجعل و الاحتياج إلى أمر آخر لا يعقل استقلاله بالاجزاء قطعا وما نحن فيه من هذا القبيل (ثم لا يخفى) ان تمامية الجعل وعدمها انما تعلم من الخارج فتارة يدل الدليل على وجود الأمر الثاني وان غرض المولى مترتب على فعل المأمور به مع قصد القربة
(١١٦)