وخالق الناس بخلق حسن " وقال الإمام أحمد: حدثنا وكيع ثنا سفيان عن حبيب عن ميمون بن أبي شبيب عن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن " وقال أحمد: حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن شمر بن عطية عن أشياخه عن أبي ذر قال: قلت يا رسول الله أوصني، قال " إذا عملت سيئة فأتبعها بحسنة تمحها " قال قلت يا رسول الله أمن الحسنات لا إله إلا الله؟ قال " هي أفضل الحسنات " وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي: حدثنا هذيل بن إبراهيم الجماني حدثنا عثمان بن عبد الرحمن الزهري عن ولد سعد بن أبي وقاص عن الزهري عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما قال عبد لا إله إلا الله في ساعة من ليل أو نهار إلا طلست ما في الصحيفة من السيئات حتى تسكن إلى مثلها من الحسنات " عثمان بن عبد الرحمن يقال له الوقاصي فيه ضعف. وقال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا بشر بن آدم وزيد بن أخرم قالا: حدثنا الضحاك بن مخلد حدثنا مستور بن عباد عن ثابت عن أنس ان رجلا قال: يا رسول الله ما تركت من حاجة ولا داجة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؟ " قال بلى قال " فإن هذا يأتي على ذلك " تفرد به من هذا الوجه مستور.
فلولا كان من القرون من قبلكم أولوا بقية ينهون عن الفساد في الأرض إلا قليلا ممن أنجينا منهم واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه وكانوا مجرمين (116) وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون (117) يقول تعالى فهلا وجد من القرون الماضية بقايا من أهل الخير ينهون عما كان يقع بينهم من الشرور والمنكرات والفساد في الأرض وقوله " إلا قليلا " أي قد وجد منهم من هذا الضرب قليل لم يكونوا كثيرا وهم الذين أنجاهم الله عند حلول غضبه وفجأة نقمته ولهذا أمر الله تعالى هذه الأمة الشريفة أن يكون فيها من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر كما قال تعالى " ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون " وفي الحديث " إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقاب " ولهذا قال تعالى " فلولا كان من القرون من قبلكم أولوا بقية ينهون عن الفساد في الأرض إلا قليلا ممن أنجينا منهم " وقوله " واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه " أي استمروا على ما هم عليه من المعاصي والمنكرات ولم يلتفتوا إلى إنكار أولئك حتى فجأهم العذاب " وكانوا مجرمين " ثم أخبر تعالى أنه لم يهلك قرية إلا وهي ظالمة لنفسها ولم يأت قرية مصلحة بأسه وعذابه قط حتى يكونوا هم الظالمين كما قال تعالى " وما ظلمناهم ولكن ظلموا أنفسهم " وقال " وما ربك بظلام العبيد ".
ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين (118) إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لا ملان جهنم من الجنة والناس أجمعين (119) يخبر تعالى أنه قادر على جعل الناس كلهم أمة واحدة من إيمان أو كفر كما قال تعالى " ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا " وقوله " ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك " أي ولا يزال الخلف بين الناس في أديانهم واعتقادات مللهم ونحلهم ومذاهبهم وآرائهم وقال عكرمة: مختلفين في الهدى. وقال الحسن البصري: مختلفين في الرزق يسخر بعضهم بعضا. والمشهور الصحيح الأول وقوله " إلا من رحم ربك " أي إلا المرحومين من أتباع الرسل الذين تمسكوا بما أمروا به من الذين أخبرتهم به رسل الله إليهم ولم يزل ذلك دأبهم حتى كان النبي وخاتم الرسل والأنبياء فاتبعوه وصدقوه ووازروه ففازوا بسعادة الدنيا والآخرة لانهم الفرقة