عباس في قوله " منها أربعة حرم " قال محرم ورجب وذو القعدة وذو الحجة وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث " إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض " تقرير منه صلوات الله وسلامه عليه وتثبيت للامر على ما جعله الله في أول الأمر من غير تقديم ولا تأخير ولا زيادة ولا نقص ولا نسئ ولا تبديل كما قال في تحريم مكة " إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض فهو حرام بحرمة الله تعالى إلى يوم القيامة " وهكذا قال ههنا " إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض " أي الامر اليوم شرعا كما ابتدع الله ذلك في كتابه يوم خلق السماوات والأرض وقد قال بعض المفسرين والمتكلمين على هذا الحديث إن المراد بقوله " قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض " أنه اتفق أن حج رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك السنة في ذي الحجة وأن العرب قد كانت نسأت النسئ يحجون في كثير من السنين بل أكثرها في غير ذي الحجة وزعموا أن حجة الصديق في سنة تسع كانت في ذي القعدة وفي هذا نظر كما سنبينه إذا تكلمنا على النسئ وأغرب منه ما رواه الطبراني عن بعض السلف في جملة حديث أنه اتفق حج المسلمين واليهود والنصارى في يوم واحد وهو يوم النحر عام حجة الوداع والله أعلم. " فصل " ذكر الشيخ علم الدين السخاوي في جزء جمعه سماه " المشهور في أسماء الأيام والشهور " أن المحرم سمي بذلك لكونه شهرا محرما وعندي أنه سمي بذلك تأكيدا لتحريمه لان العرب كانت تتقلب به فتحله عاما وتحرمه عاما قال ويجمع على محرمات ومحارم ومحاريم وصفر سمي بذلك لخلو بيوتهم منهم حين يخرجون للقتال والاسفار يقال صفر المكان إذا خلا ويجمع على أصفار كجمل وأجمال وشهر ربيع الأول سمي بذلك لارتباعهم فيه والارتباع الإقامة في عمارة الربع ويجمع على أربعاء كنصيب وأنصباء وعلى أربعة كرغيف وأرغفة وربيع الآخر كالأول وجمادي سمي بذلك لجمود الماء فيه قال: وكانت الشهور في حسابهم لا تدور وفي هذا نظر إذ كانت شهورهم منوطة بالأهلة فلابد من دورانها فلعلهم سموه بذلك أول ما سمي عند جمود الماء في البرد كما قال الشاعر:
وليلة من جمادي ذات أندية * لا يبصر العبد في ظلمائها الطنبا لا ينبح الكلب فيها غير واحدة * حتى يلف على خرطومه الذنبا ويجمع على جماديات كحبارى وحباريات وقد يذكر ويؤنث فيقال جمادي الأولى والأول وجمادي الآخر والآخرة رجب من الترجيب وهو التعظيم ويجمع على أرجاب ورجاب ورجبات، شعبان من تشعب القبائل وتفرقها للغارة ويجمع على شعابين وشعابات، رمضان من شدة الرمضاء وهو الحر يقال رمضت الفصال إذا عطشت ويجمع على رمضانات ورماضين وأرمضة قال: وقول من قال أنه اسم من أسماء الله خطأ لا يعرج عليه ولا يلتفت إليه قلت: قد ورد في حديث ولكنه ضعيف وبينته في أول كتاب الصيام وشوال من شالت الإبل بأذنابها للطراق قال، ويجمع على شواول وشواويل وشوالات القعدة بفتح القاف - قلت وكسرها - لقعودهم فيه عن القتال والترحال ويجمع على ذوات القعدة الحجة بكسر الحاء - قلت وفتحها - سمي بذلك لايقاعهم الحج فيه ويجمع على ذوات الحجة أسماء الأيام أولها الاحد ويجمع على آحاد وأوحاد ووحود ثم يوم الاثنين ويجمع على أثانين الثلاثاء يمد ويذكر ويؤنث ويجمع على ثلاثاوات وأثالث ثم الأربعاء بالمد ويجمع على أربعاوات وأرابيع والخميس يجمع على أخمسة وأخامس ثم الجمعة بضم الميم وإسكانها وفتحها أيضا ويجمع على جمع وجماعات السبت مأخوذ من السبت وهو القطع لانتهاء العدد عنده وكانت العرب تسمى الأيام أول ثم أهون ثم جبار ثم دبار ثم مؤنس ثم العروبة ثم شيار قال الشاعر: من العرب العرباء العاربة المتقدمين:
أرجى أن أعيش وإن يومي * بأول أو بأهون أو جبار أو التالي دبار فإن أفته * فمؤنس أو عروبة أو شيار