لا يؤكل ولا يطعم ".
أقول: والمستفاد من هذه الأخبار بضم بعضها إلى بعض أن الأفضل هو الصدقة بهذه الأشياء أو بثمنها وأنه يكره إعطاء الجزار شيئا من ذلك أجرة، وإلا فلو أعطاه ذلك صدقة فالظاهر أنه لا بأس به.
وبذلك يظهر أن ما ذهب إليه شيخنا الشهيد الثاني وسبطه (عطر الله تعالى مرقديها) من وجوب الصدقة ممنوع، لدلالة صحيحة معاوية بن عمار (1) التي نقلها في المدارك على جواز جعل الجلد مصلى في البيت، ودلالة مرسلته (2) التي في الكافي على جواز أن يشتري به المتاع وأن ينتفع به مع تصريحها بأفضلية الصدقة ودلالة موثقة إسحاق بن عمار (3) على جواز اخراجه معه يعني لأجل الانتفاع به، وحينئذ فتحمل الصدقة بثمنه إذا جعله جرابا " كما في صحيحة علي بن جعفر (4) على الفضل والاستحباب.
وكيف كان فجملة روايات المسألة أولا " وآخرا " لا دلالة فيها على حكم ما ذكره شيخنا الشهيد الثاني من الأطراف والأمعاء وأنه يجب التصدق بها، فإن مورد جملة روايات المسألة إنما هو اللحم والجلد والجلال والقلائد، وما عداها فلم أقف فيه على نص، والظاهر أن السكوت عنها في الأخبار إنما هو من حيث عدم الرغبة فيها يومئذ من حيث وجود اللحوم وكثرتها.
والعجب من صاحب المدارك أنه بعد أن اعترض على جده بما ذكره وافقه واستدل له بالروايتين المذكورتين، وموردهما أخص من المدعى، وما ادعاه من فعل النبي (صلى الله عليه وآله) ذلك لم نقف عليه، والله العالم.