فأهلا بالحج، وأمرهما بالتلبيات الأربع التي لبى بها المرسلون، ثم صار بهما إلى الصفا فنزلا وقام جبرائيل (عليه السلام) بينهما، واستقبل البيت فكبر الله وكبرا وهلل الله وهللا وحمد الله وحمدا ومجد الله ومجدا وأثنى على الله ففعلا مثل ذلك وتقدم جبرائيل وتقدما يثنيان على الله عز وجل ويمجدانه حتى انتهى بهما الحجر فاستلمه جبرائيل، وأمرهما أن يستلما فطاف بهما أسبوعا " ثم قام بهما في موضع مقام إبراهيم (عليه السلام) فصلى ركعتين فصليا ثم أراهما المناسك وما يعملان به، فلما قضيا مناسكهما أمر الله إبراهيم (عليه السلام) بالانصراف، وأقام إسماعيل وحده ما معه غير أمه فلما كان من قابل أذن الله لإبراهيم (عليه السلام) في الحج وبناء الكعبة، وكانت العرب تحج إليه وإنما كان ردما إلا أن قواعده معروفة فلما صدر الناس جمع إسماعيل الحجارة وطرحها في جوف الكعبة فلما أذن الله له في البناء قدم إبراهيم (عليه السلام) فقال: يا بني قد أمرنا الله ببناء الكعبة، فكشفا عنها، فإذا هو حجر واحد أحمر فأوحى الله عز وجل إليه ضع بنائها عليه وأنزل الله عز وجل أربعة أملاك يجمعون إليه الحجارة، وكان إبراهيم وإسماعيل يضعان الحجارة والملائكة تناولهما حتى تمت اثني عشر ذرعا " وهيأ له بابين، بابا يدخل منه وبابا يخرج منه، ووضعا عليه عتبا وشرجا " من حديد على أبوابه كانت الكعبة عريانة فصدر إبراهيم (عليه السلام) وقد سوى البيت وأقام إسماعيل فلما ورد عليه الناس نظر إلى امرأة من حمير أعجبه جمالها فسأل الله عز وجل أن يزوجها إياه، وكان لها بعل فقضى الله على بعلها بالموت، وأقامت بمكة حزنا " على بعلها فأسلى الله ذلك منها وزوجها إسماعيل، وقدم إبراهيم (عليه السلام) للحج وكانت امرأة موفقة وخرج إسماعيل (عليه السلام) إلى الطائف يمتار لأهله طعاما فنظرت إلى شيخ شعث فسألها عن حالهم، فأخبرته بحسن حال فسألها عنه خاصة فأخبرته بحسن الدين، وسألها ممن أنت فقالت امرأة من حمير فسار إبراهيم، ولم يلق إسماعيل، وقد كتب إبراهيم كتابا " فقال: ادفعي هذا إلى بعلك إذا أتى انشاء الله فقدم عليها إسماعيل (عليه السلام) فدفعت إليه الكتاب فقرأه فقال: أتدرين من ذلك الشيخ، فقالت لقد رأيته جميلا فيه مشابهة
(٣٨٠)