لم يزالوا على شئ من الحنيفية، يصلون الرحم، ويقرون الضيف ويحجون البيت، ويقولون اتقوا مال اليتيم، فإن مال اليتيم عقال، ويكفون عن أشياء من المحارم مخافة العقوبة، وكانوا لا يملي لهم إذا انتهكوا المحارم، وكانوا يأخذون من لحاء شجر الحرم فيعلقونه في أعناق الإبل، فلا يجترئ أحد أن يأخذ من تلك الإبل حيثما ذهبت ولا يجترئ أحد أن يعلق من غير لحاء شجر الحرم، أيهم فعل ذلك عوقب، وأما اليوم فأملى لهم، ولقد جاء أهل الشام فنصبوا المنجنيق على أبي قبيس، فبعث الله عليهم سحابة كجناح الطير، فأمطرت عليهم صاعقة فأحرقت سبعين رجلا حول المنجنيق ".
الفصل التاسع: روى الكافي عن علي بن عبد الله (1) عن أبي عبد الله عليه السلام، " قال: كان علي بن الحسين عليه السلام، يقول: يا معشر من لم يحج استبشروا بالحاج إذا قدموا، وصافحوهم وعظموهم، فإن ذلك يجب عليكم تشاركوهم في الأجر " وعن سليمان بن جعفر الجعفري (2) عمن رواه عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان على ابن الحسين يقول بادروا بالسلام على الحاج والمعتمر ومصافحتهم قبل أن تخالطهم الذنوب.
وروى في الفقيه مرسلا (3) قال: " قال أبو جعفر عليه السلام، وقروا الحاج والمعتمر فإن ذلك واجب عليكم " وروى فيه أيضا مرسلا قال: قال الصادق عليه السلام: إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يقول للقادم من مكة قبل الله منك وأخلف عليك نفقتك وغفر ذنبك " وروى الشيخ في التهذيب عن عبد الوهاب بن صباح عن أبيه (4) " قال:
لقي مسلم مولى أبي عبد الله عليه السلام صدقة الأجدب وقد قدم من مكة فقال له مسلم:
الحمد لله الذي يسر سبيلك وهدى دليلك، وأقدمك بحال عافية وقد قضى الحج وأعان على السعة، فقبل الله منك وأخلف عليك نفقتك، وجعلها حجة مبرورة ولذنوبك طهورا "،