كان ابن أبي العوجاء من تلامذة الحسن البصري فانحرف عن التوحيد، فقيل له:
تركت مذهب صاحبك ودخلت في ما أصل له ولا حقيقة، فقال: إن صاحبي كان مخلطا كان يقول طورا بالقدر، وطورا " بالجبر، وما أعلمه اعتقد مذهبا " دام فيه، وقدم مكة متمردا " وانكارا " على من يحج، وكان يكره العلماء مجالسته ومسائلته لخبث لسانه وفساد ضميره، فأتى أبا عبد الله عليه السلام وجلس إليه في جماعة من نظرائه، فقال: يا أبا عبد الله إن المجالس أمانات ولا بد لكل من به سعال أن يسعل أفتأذن لي أن أتكلم فقال: تكلم بما شئت فقال: إلى كم تدوسون هذا البيدر وتلوذون بهذا الحجر، وتعبدون هذا البيت المرفوع، بالطوب والمدر وتهرولون حوله هرولة البعير إذا نفر، من فكر في هذا أو قدر، علم أن هذا فعل أسسه غير حكيم ولا ذي نظر.
فقل: فإنك رأس هذا الأمر وسنامه وأبوك أسسه وتمامه، فقال. أبو عبد الله (عليه السلام): إن من أضله الله وأعمى قلبه، استوخم الحق فم يستعذبه، وصار الشيطان وليه وربه وقرينه، يورده مناهل الهلكة، ثم لا يصدره، وهذا بيت استعبد الله به خلقه، ليختبر طاعتهم في اتيانه، فحثهم على تعظيمه وزيارته وجعله محل أنبياءه وقبلة للمصلين إليه، فهو شعبة من رضوانه، وطريق يؤدي إلى غفرانه، منصوب على استواء الكمال ومجمع العظمة والجلال، خلقه الله قبل دحو الأرض بألفي عام، فأحق من أطيع فيما أمر وانتهى عما نهى عنه، وزجر الله المنشئ للأرواح والصور " وزاد في الفقيه فقال: ابن أبي العوجاء ذكرت الله يا أبا عبد الله فأحلت على غائب، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): ويلك كيف يكون غائبا " من هو مع خلقه شاهد وإليهم أقرب من حبل الوريد، يسمع كلامهم ويرى أشخاصهم، ويعلم أسرارهم وإنما المخلوق الذي إذا انتقل من مكان اشتغل به مكان، وخلا منه مكان، فلا يدري في المكان الذي صار إليه ما حدث في المكان الذي كان فيه، فأما الله العظيم الشأن الملك الديان فإنه لا يخلو منه مكان، ولا يشتغل به مكان ولا يكون إلى مكان