وعثمان وعلي حتى كان في زمن معاوية ".
وعن السندي بن محمد عن أبي البختري (1) عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السلام أنه كره إجارة بيوت مكة وقرأ " سواء العاكف فيه والباد ".
وروى علي بن جعفر في كتابه (2) عن أخيه موسى (عليه السلام) " قال:
وليس ينبغي لأهل مكة أن يمنعوا الحاج شيئا " من الدور ينزلونها.
أقول: المشهور بين المتأخرين أن المنع من سكنى الحاج بالأبواب ونحوها إنما هو على جهة الكراهة، ونقلوا عن الشيخ (رحمة الله عليه) القول بالتحريم، وردوه بما اشتملت عليه صحيحة حفص بن البختري، ورواية الحسين بن أبي العلا ونحوهما من لفظ ليس ينبغي، فإنه ظاهر في الكراهة، ونقل عن الشيخ فخر الدين في شرح القواعد أنه استدل للشيخ بأن مكة كلها مسجد لقوله تعالى (3) سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام " إلى آخره وكان الاسراء من دار أم هاني، وإذا كانت كذلك فلا يجوز منع أحد منها لقوله تعالى (4) " سواء العاكف فيه والباد " ورد بأنه استدلال ضعيف، أما أولا فلأن الاجماع القطعي منعقد على خلافه، وأما ثانيا فلمنع كون الاسراء من بيت أم هاني، ثم لو سلمنا لجاز مروره بالمسجد الحرام ليتحقق الاسراء منه حقيقة:
أقول: الأظهر في الاستدلال للشيخ (رحمة الله عليه) إنما هو بظاهر الآية فإن ظاهرها مساواة البادي للحاضر في الانتفاع بمساكنها ودورها حتى يقضوا نسكهم وإذا كان حقا شرعيا لهم فمنهم منه محرم كما ينادي به قوله (عليه السلام) في الرواية الأولى فمنع حاج بيت الله ما قال الله تعالى " سواء العاكف فيه والباد " بمعنى أنه منعهم حقا قد فرض الله لهم في كتابه وأما التمسك بقوله " فليس ينبغي " فقد عرفت في غير موضع إن هذا اللفظ قد ورد بمعنى التحريم في الأخبار بما لا يحصي كثرة، وقد بينا أنه