فذلك (1) المشهور بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) طهارة فم الهرة بمجرد زوال عين النجاسة سواء غابت عن العين أم لا، صرح بذلك الشيخ والمحقق والعلامة وغيرهم، وألحق جملة من المتأخرين بها كل حيوان غير الآدمي، واستحسنه السيد السند في المدارك. وقيل بالنجاسة، لأصالة البقاء عليها. وقيل بالطهارة بالغيبة، ذهب إليه العلامة في النهاية، قال: " لو نجس فم الهرة بسبب كأكل الفأرة وشبهه، ثم ولغت في ماء قليل ونحن نتيقن نجاسة فمها، فالأقوى النجاسة، لأنه ماء قليل لاقى نجاسة، والاحتراز يعسر عن مطلق الولوغ لا عن الولوغ بعد تيقن نجاسة الفم، ولو غابت عن العين واحتمل ولوغها في ماء كثير أو جار، لم ينجس، لأن الإناء معلوم الطهارة فلا يحكم بنجاسته بالشك " انتهى.
وتمسك الأولون بالأخبار الواردة بنفي البأس عن سؤر الهرة، وجواز الوضوء والشرب منه، بناء على أن الهرة لا ينفك فمها عن النجاسة غالبا.
ومن الأخبار في ذلك صحيحة زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام) (2) قال:
" في كتاب علي: أن الهر سبع ولا بأس بسؤره، وإني لأستحيي من الله أن أدع طعاما لأن الهر أكل منه ".
ورواية أبي الصباح عنه (عليه السلام) (3) قال: " كان علي (عليه السلام) يقول: لا تدع فضل السنور أن تتوضأ منه، إنما هي سبع " وغيرهما.
قال في كتاب المعالم بعد الاستدلال على ذلك بنحو ما ذكرنا: " ولو فرضنا