المشهور الأخير، وبالأول صرح جملة من المتأخرين، لكنهم بين مطلق لذلك كما تقدم، وبين مقيد بشرط علمه بالنجاسة وأهليته للإزالة بكونه مكلفا عالما بوجوب الإزالة عليه، وإلى الثاني مال السيد السند في المدارك على تردد فيه بعد أن نقل القول الأول واستشكله. والعجب منه (قدس سره) في ذلك، فإن دليله على طهارة الحيوان غير الآدمي جار هنا بعينه، فإنه لم يثبت أيضا التعبد بالعلم بزوال النجاسة عن ثوب الغير وبدنه. وأما ما اختاره (طاب ثراه) من اشتراط التلبس بمشروط بالطهارة عنده، فيشكل الأمر فيه أيضا بجواز نسيانه، ولعل ذلك هو وجه التردد الذي ذكره.
ولعل أرجح هذه الأقوال هو الأول، تمسكا بأصالة البراءة التي أشرنا إليها، فإن الحكم مما تعم به البلوى، ولو لم يكن مجرد الغيبة كافيا في الطهارة، لورد فيه أثر عنهم (عليهم السلام) ولبلغنا ذلك، ولامتنع الاقتداء بإمام الجماعة حتى يسأله، لأن عروض النجاسة له بالبول والغائط أمر متيقن، وعروض النسيان له ممكن.
وبطلانه أظهر من أن يحتاج إلى البيان، ولأشكل الحال في الحكم بطهارة سائر الناس ممن لم تعلم عدالته مع معلومية الحدث منهم كما ذكرنا، فلا يحكم بطهارتهم وإن أخبروا بذلك، مع أن المعلوم من الشرع خلافه، لدلالة الأخبار واتفاق الأصحاب على قبول قول المسلم في ذلك.
ختام مستطاب يشتمل على مقامين تتمة للباب المقام الأول في الماء المستعمل والمراد منه هنا ما يكون مستعملا في إزالة حدث أو خبث أو مطلقا، والأول إما في حدث أصغر أو أكبر، والثاني إما في الاستنجاء أو غيره من الأخباث، والثالث غسالة ماء الحمام، فالكلام هنا يقع في مسائل خمس: