لم يكن فيه تغير أو ريح غالبة. قلت: فما التغير؟ قال: الصفرة، فتوضأ منه.. الحديث ".
ويدل على ذلك ما ذكره في كتاب الفقه الرضوي (1) حيث قال (عليه السلام):
" كل غدير فيه من الماء أكثر من كر لا ينجسه ما يقع فيه من النجاسات إلا أن تكون فيه الجيف فتغير لونه وطعمه ورائحته، فإذا غيرته لم يشرب منه ولم يتطهر منه.. الحديث ".
وهذا الكتاب وإن لم يشتهر بين الأصحاب النقل عنه ولا الاعتماد عليه بل ربما طعن بعضهم في ثبوته عنه (عليه السلام) إلا أن الأظهر كما قدمنا ذكره (2) هو الاعتماد عليه.
ولعل السر في اشتمال أكثر الأخبار على التغير الطعمي والريحي دون اللوني إن تغير الطعم والريح أسرع من تغير اللون أو لا ينفك تغير اللون من تغيرهما فلا ثمرة في التعرض له حينئذ.
وهل يعتبر التغير الحسي، فلو كان الماء على صفاته الأصلية وكانت النجاسة مسلوبة الأوصاف لم تؤثر في نجاسة الماء وإن كثرت. أو يجب تقدير الأوصاف للنجاسة، فلو كانت مما يتغير بها الماء على تقدير وجود الأوصاف نجس وإلا فلا؟ قولان.
المشهور الأول نظرا إلى أن التغير حقيقة في الحسي، لصدق السلب بدونه، واللفظ إنما يحمل على حقيقته، واعتبار التقدير يتوقف على دليل، والأصل عدمه.
ويمكن أن يقال: إن التغير حقيقة في النفس الأمري لا فيما كان محسوسا ظاهرا، فقد يمنع من ظهوره مانع، كما اعترفوا به فيما سيأتي مما إذا خالفت النجاسة الجاري في الأوصاف لكن منع من ظهورها مانع، فإنهم قطعوا هناك بوجوب التقدير،