واعترضه جمع من متأخري المتأخرين منهم: المحققان المدققان الشيخ حسن في المعالم والسيد السند في المدارك بما حاصله: أن الطهور لم يرد في اللغة بمعنى المطهر، بل هو إما صفة كقولك: ماء طهور أي طاهر، أو اسم غير صفة ومعناه ما يطهر به. والشيخ قد استدل على كونه بمعنى المطهر بأنه لا خلاف بين أهل النحو. واللغة لا تثبت بالاستدلال.
وفيه أن الشيخ (رحمه الله) لم يستدل على كون طهور بمعنى مطهر، وإنما نقل ذلك عن العرب وأسنده إليهم، ثم استشعر اعتراضا قد أورد في البين وأجاب عنه بما ذكر. وكلامه من قبيل ما يقال: إنه تعليل بعد الورود، وبيان ذلك أن أبا حنيفة قد خالف في المسألة وقال: إن طهور بمعنى طاهر، وأنكر كونه بذلك المعنى، وأورد على من ادعى أنه كذلك هذا السؤال الذي ذكره الشيخ (رحمه الله تعالى) وأجاب عنه. والسؤال المذكور وجوابه مذكوران في كتب الشافعية كينابيع الأسفرايني وغيره، فإنهم نقلوا عن أبي حنيفة ذلك وأجابوا عنه بما ذكر.
وبذلك ظهر أن الشيخ لم يكن غرضه الاحتجاج على ذلك وإنما استند في ثبوته إلى ما نقله عن العرب، وغرضه من ذلك الكلام الآخر إنما هو دفع السؤال وبيان حكمة الواضع وتصحيح لغرضه لا الاحتجاج على ذلك المطلب واثباته.
والعجب من إنكار جملة من فضلاء متأخري المتأخرين كهذين الفاضلين وغيرهما ورود طهور بمعنى الطاهر المطهر لغة. وكلام صاحب المصباح كما عرفت على غاية من الصراحة والايضاح، وقد نقله عن جملة من أئمة اللغة، بل ظاهر كلامه أنه قول الأكثر، وأن المعنى الوصفي للفظ الطهور إنما هو عبارة عن هذا المعنى. وأما كونه بمعنى طاهر فظاهر آخر كلامه كما عرفت أنه غير مطرد بل موقوف على السماع كما في البيت الذي أورده. وعبارة القاموس أيضا دالة على ذلك، حيث قال: " الطهور