قليل الماء إذا تنجس كان طهره بالكثير من الجاري أو الراكد.
وأجيب بأن المراد يطهر غيره ولا يطهر غيره.
ويرد عليه أيضا بأنه على اطلاقه غير مستقيم، لانتقاضه بالبئر، فإن تطهيرها بالنزح، والماء النجس يطهر باستحالته ملحا، والماء القليل إذا كان نجسا وتمم كرا بمضاف لم يسلبه الاطلاق، فإنه في جميع هذه الصور قد طهر الماء غيره.
وأجيب عن ذلك (أما عن الأول) فبانا لا نسلم أن مطهر البئر حقيقة هو النزح بل هو في الحقيقة الماء النابع منها شيئا فشيئا بعد اخراج الماء المنزوح. ولا يخلو من ضعف. بل التحقيق الجواب بعدم نجاسة البئر بالملاقاة، وحينئذ فأصل الاعتراض بالبئر ساقط.
و (أما عن الثاني) فبان الماء قد عدم بالكلية فلم يبق هناك ماء مطهر بغيره. ومثله أيضا الماء النجس إذا شربه حيوان مأكول اللحم واستحال بولا، فإنه يخرج عن الحقيقة الأولى إلى حقيقة أخرى.
و (أما عن الثالث) فبعد تسلم ذلك يمكن أن يقال: المطهر هنا هو مجموع الماء البالغ كرا لا المضاف وحده.
ويمكن الجواب عن أصل الاشكال بأن الماء متى تنجس فطهره بممازجة الكثير له على وجه يستهلك النجس فيه، وهذا لا يسمى في العرف تطهيرا، لاضمحلال النجس حينئذ، وحينئذ يصدق أن الماء لا يطهر، وفي الحديث حينئذ دلالة على اعتبار الممازجة في المطهر دون مجرد الاتصال كما هو أحد القولين، ولعل هذا المعنى أقرب من الأول، لسلامته من التكلفات.
(المقالة الثالثة) لا خلاف ولا إشكال في أن الماء الجاري بل كل ماء ينجس باستيلاء النجاسة على أحد أوصافه الثلاثة أعني اللون أو الطعم أو الريح.