وكون الماء مطهرا لغيره أمر خارج عن أصل الطهارة التي هي المعنى المصدري، فيكف تراد منه؟ بل هو حينئذ بمعنى الطاهر.
والجواب عن الأول أن المستفاد من الآيات القرآنية أن الماء أصله كله من السماء، وبذلك صرح شيخنا الصدوق في أول كتاب من لا يحضره الفقيه، وما ذكره المتخرصون، من أن مواد المياه ليست إلا الأبخرة المحتبسة، وإن حصل لها الغزارة والنزازة بكثرة مياه الأمطار والثلوج وقلتها فكلام عار عن التحصيل، فضلا عن مخالفته لصريح التنزيل، وما ورد عن معادن التأويل.
ومن الآيات الدالة على ما قلنا قوله سبحانه: " وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض، وإنا على ذهاب به لقادرون " (1) وروى الثقة الجليل علي ابن إبراهيم القمي في تفسير هذه الآية عن الباقر (عليه السلام) قال: " هي الأنهار والعيون والآبار ".
وقوله تعالى: " ألم تر أن الله أنزل ممن السماء ماء فسلكه في الأرض ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه.. " (2).
وقوله تعالى: " هو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر إلى قوله: ينبت لكم به الزرع.. " (3).
فهذه الآيات دالة على أن أصل ماء الأرض كله من السماء.
والجواب عن الثاني أنه وإن كان كذلك مع عدم قرينة تفيد العموم إلا أن قرينة المقام في هذه الآيات التي نقلناها تفيد العموم، فإن الظاهر أن هذه الآيات كلها واردة في معرض التفضل واظهار الامتنان وبيان الأنعام، وحينئذ فلو كان هناك