الرجال واطلع على ما فيها من الأحوال. ومن الظاهر البين الظهور أنه مع شهرة الأمر في هؤلاء المعدودين وأمثالهم، فإنه لا يعتمد أحد ممن اطلع على أحوالهم على رواياتهم، ولا يدونونها في أصولهم إلا مع اقترانها بما يوجب صحتها ويعلن بثبوتها (1) كما صرح
(١) ومن ذلك ما ذكره (قده) في كتاب الغيبة، حيث نقل حديثا في الغيبة عن أحمد ابن زياد، ثم قال: قال مصنف هذا الكتاب (رضي الله عنه): لم أسمع هذا الحديث إلا من أحمد بن زياد (رضي الله عنه) بعد انصرافه من حج بيت الله الحرام، وكان رجلا ثقة دينا فاضلا (رحمة الله ورضوانه عليه) انتهى.
(ومنه) أيضا ما ذكره في الكتاب المذكور بعد نقل حديث عن علي بن عبد الله الوراق، حيث قال: قال مصنف هذا الكتاب (رضي الله عنه): لم أسمع هذا الحديث إلا من علي بن عبد الله الوراق، ووجدته بخطه مثبتا فسألته عنه فرواه لي عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن إسحاق كما ذكرته. انتهى.
(ومنه) ما ذكره في معاني الأخبار في باب معنى ما جاء في لعن الذهب والفضة، حيث قال: قال مصنف هذا الكتاب: هذا حديث لم أسمعه إلا من لحسن بن حمزة العلوي (رضي الله عنه) ولم أروه عن شيخنا محمد بن الحسن بن الوليد، ولكنه صحيح عندي إلى آخر كلامه (ولا يخفى) على الفطن اللبيب والمنصف الأريب أن تخصيصه هذه الأخبار ونحوها مما ذكره يدل دلالة واضحة على أن ما لم يذكر فيه شيئا من ذلك كله مقطوع مجزوم على صحته كما لا يخفى.
ومنه ما ذكره (قدس سره) في كتاب من لا يحضره الفقيه في باب ما يجب على من أفطر أو جامع في شهر رمضان، حيث روى عن المفضل بن عمر عن أبي عبد الله (ع) في رجل أتى امرأته وهي صائمة وهو صائم. فقال: إن كان أكرهها فعليه كفارتان. وإن كانت طاوعته فعليه كفارة. الحديث. ثم قال (قدس سره) قال مصنف هذا الكتاب: لم أجد ذلك في شئ من الأصول وإنما تفرد بروايته علي بن إبراهيم بن هاشم. وفيه كما ترى دلالة واضحة على أن جميع ما يرويه في هذا المقام وغيره إنما هو من الأصول المقطوع على صحتها عنده. كما صرح به في أول الفقيه، وأنه إذا نقل ما ليس كذلك نبه على أن الراوي له ثقة معتمد. فكيف بعد أمثال هذا الكلام الذي لا يليق بأمثاله من أولئك الأعلام خلط الغث بالسمين حتى يحتاج إلى ما ذكروه من هذا الاصطلاح العديم الاصطلاح (منه رحمه الله).