الأدلة، ولموافقتها للاحتياط، ولأنها في معنى الاثبات والطهارة في معنى النفي، ويعزى هذا القول إلى ابن إدريس، ونقل في المعالم عن بعض المتأخرين الميل إليه، قال: " وهو أحوط غير أن القول بالطهارة للتساقط أقرب " انتهى.
وما قربه (قدس سره) هو الأنسب بقواعد الأصحاب، لتطرق القدح إلى ما عداه من الأقوال المذكورة.
(أما الأول) فيرد عليه أنه لا دليل عليه، لأن الاشتباه الملحق به دليله أما النص المتقدم كما حققناه أو الاجماع كما استند إليه آخرون، وكل منهما لا يتناول موضع النزاع. وشمول القاعدة المستفادة من النصوص لذلك محل اشكال، إذ ظاهر تلك النصوص هو استناد الاشتباه الموجب لاشتباه الحكم إلى امتزاج تلك الأفراد واختلاطها على وجه لا يتميز طاهرها من نجسها ولا حلالها من حرامها، لا مجرد الاشتباه كيف اتفق. وتكافؤ البينتين كما ذكره المحقق الشيخ علي إنما يكون موجبا لطرحهما، لعدم إمكان الترجيح بغير مرجح. لا موجبا للعمل بهما.
و (أما الثاني) ففيه أن ما ذكر من المقدمات المبني عليها دليله والتعليلات المذكورة وإن ذكرها علماء الأصول إلا أنها مما لم يقم على الاعتماد عليها دليل معتمد، فلا يخرج عن مجرد التطويل الذي لا يهدي إلى سبيل ولا يشفى العليل ولا يبرد الغليل، فلا يمكن الاعتماد عليها في تأسيس حكم شرعي. وأما الاحتياط فليس بدليل شرعي عندهم بل غايته ثبوت الأولوية به.
هذا. والتحقيق في المقام أن المسألة لما كانت عارية عن نصوص أهل الذكر (عليه السلام) فالحكم فيها الوقوف على ساحل الاحتياط، وهو العمل بالنجاسة، وإن كان القول الثاني ليس بذلك البعيد باعتبار التعليل الثاني دون الأول، لتطرق القدح إليه بأنه لا بد في المرجح من أن يكون مما اعتبره الشارع مرجحا، ولم يثبت هنا كونه كذلك.